قالَ لهُ الخَضِرُ عَليهِ السَّلام: هذا وَقتُ فِراقِ ما بيني وبَينِك، فإنَّكَ لم تَلتَزِمْ بشَرطِ الصُّحبَةِ مَعي، وسأُخبِرُكَ بمآلِ وعاقِبَةِ ما لم تَصبِرْ عَليهِ ممّا حدَثَ معَنا، لكَونِهِ مُنكَرًا عندَكَ مِنْ حيثُ الظَّاهِر.
قالَ في "إرشاد السّاَري": كانتْ أحكامُ موسَى كغَيرِهِ منَ الأنبياءِ مَبنيَّةً على الظَّواهِر، ولذا أنكرَ خَرْقَ السَّفينَة، وقَتْلَ الغُلام، إذِ التصَرُّفُ في أموالِ النَّاسِ وأرواحِهمْ بغَيرِ حَقٍّ حَرامٌ في الشَّرعِ الذي شَرَعَهُ لأنبيائهِ عَليهمُ السَّلام، إذْ لم يُكَلِّفْنا بالكَشفِ عنِ البِواطِن، لِما في ذلكَ مِنَ الحرَج. وأمَّا وقوعُ ذلكَ منَ الخَضِر، فالظَّاهِرُ أنَّهُ شُرِعَ لهُ أنْ يَعمَلَ بما كُشِفَ لهُ مِنْ بَواطنِ الأسرَار، واطَّلعَ عليهِ منْ حَقائقِ الأشياء...