وقاتِلوا في سَبيلِ اللهِ كما يَنبَغي، وأخلِصوا جِهادَكمْ لهُ وحدَه، ولا تَخافُوا في ذلكَ أحَدًا، فقدِ اختارَكمْ لدِينِهِ مِنْ بينِ سَائرِ الأُمَم، وشَرَّفَكمْ بأكمَلِ شَرع، وخصَّكمْ بأفضَلِ رَسول، وما جعَلَ عَليكمْ في الدِّينِ مِنْ ضِيقٍ ومَشَقَّة، فلمْ يُكَلِّفْكمْ بما لا تُطيقون، وإذا شَقَّ عَليكمْ أمرٌ منهُ في ظُروفٍ تَطرَأُ عَليكم، فقدْ جعَلَ لكمْ في ذلكَ فرَجًا ومَخرَجًا، ووَسَّعَ عَليكمْ كما وَسَّعَ مِلَّةَ أبيكمْ إبراهيم.
قالَ الحسَنُ البَصريُّ رَحِمَهُ الله: جعلَ اللهُ حُرمَةَ إبراهيمَ عَليهِ السَّلام، كحُرمَةِ الوالِدِ على ولَدِه.
واللهُ سَمَّاكمُ المُسلِمينَ مِنْ قَبلِ أنْ يَنزِلَ القُرآن، في الكتُبِ المُتَقَدِّمِة، كما سَمَّاكمْ بهِ في هذا القُرآن، ليَكونَ الرَّسولُ شَهيدًا عَليكمْ يَومَ القيامَةِ أنَّهُ قدْ بلَّغَكم، وتَكونوا أنتُمْ شُهداءَ على النَّاسِ أنَّ أنبِياءَهمْ قدْ بَلَّغوهم، كما نطقَ بهِ القُرآن، المُنْزَلُ على رَسولِ الأُمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
فقابِلوا هذهِ النِّعمَةَ العَظيمَةَ بشُكرِ اللهِ ومُلازَمَةِ طاعَتِه، فأقيمُوا الصَّلاةَ في أوقاتِها وواظِبوا على أدائها، وآتُوا الفُقَراءَ والمُحتاجِينَ حَقَّهمْ مِنْ أموالِكم. واللهُ ناصِرُكمْ ومُتَوَلِّي أَمرِكم، ونِعمَ الوَليُّ الحافِظُ هو، والنَّاصِرُ لكم، ولنْ يَضِيعَ مَنْ كانَ اللهُ وليَّهُ ولنْ يُخذَل.