رافقَتْ عائشَةُ رَضيَ اللهُ عَنها رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غَزوَةٍ غَزاها، وعندَما رجعَ ودَنا مِنَ المَدينَة، وآذنَ ليلَةً بالرَّحيل، مَشَتْ هيَ حتَّى جاوَزَتِ الجَيشَ لتَقضِيَ حاجتَها. ولمَّا عادَتْ لمسَتْ صَدرَها فإذا عِقْدُها انقطَع. فرجعَتْ تَلتَمِسُه، فوجَدَتْهُ بعدَما استمَرَّ الجَيش، وعادَتْ إلى مَكانِها فلمْ تَجِدْ أحدًا هُناك. فنامَتْ وهيَ تَظُنُّ أنَّهمْ سَيَفقِدونَها ويَعودونَ إليها. وكانَ الصَّحابيُّ الجَليلُ صَفوانُ بنُ المُعَطَّلِ مِنْ وَراءِ الجَيش، فرَآها، فأناخَ لها راحِلتَهُ فرَكِبَتْها، وانطَلقَ يَقودُ بها الرَّاحِلَةَ حتَّى أتَوا الجَيش، فأشاعَ المُنافِقونَ أنَّهُ فعلَ بها! فبرَّأها اللهُ ممّا قالوا في آياتٍ أنزلَها في هذهِ السُّورَةِ مِنْ كتابِهِ الكريم.
إنَّ الذينَ جاؤوا بالكذِبِ والبُهتانِ الذي افترَوهُ على أُمِّ المؤمِنينَ عائشَةَ بنتِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيق، زوجِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، هُمْ جَماعَةٌ منكم، ولا تظنُّوا ذلكَ شَرًّا لكمْ - والخِطابُ الأخيرُ للنبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وآلِ أبي بَكر - بلْ هوَ خَيرٌ لكم، ففيهِ ثَوابٌ على صَبرِكم، ورِفعَةُ منازلِكمْ في الآخِرَة، وظُهورُ كرامَتِكم، واهتِمامٌ وتَعظيمٌ لعِرْضِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، واعتِناءٌ بأُمِّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عَنها، فقدْ أنزلَ اللهُ براءَتَها في آياتٍ تُتلَى في كِتابِهِ إلى قِيامِ السَّاعَة. معَ تَشديدِ الوَعيدِ على المُنافِقينَ وبيانِ أساليبِهمُ العَدائيَّة.
ولكُلِّ مَنْ تكلَّمَ بهذا الإفكِ العَظيمِ نَصيبٌ منَ العَذاب، والذي ابتدَأ بهِ وخطَّطَ لهُ وأشاعَهُ مِنْ بينِهم، لهُ عَذابٌ كبيرٌ على فِعلِهِ الشَّنيعِ هذا. وهوَ رأسُ المُنافِقينَ عَبدُاللهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُول.