لا يُكلِّفُ اللهُ نفساً فوقَ طاقتِها، فلا يُؤمَرُ أحدٌ بأمرٍ لا يَقدِرُ عليه، فلها ثَوابُ ما عَمِلتْ منْ خَير، وعليها عقوبةُ ما اكتسَبتْ مِنْ شَرّ.
وقالوا: ربَّنا سامِحنا واعفُ عنّا إذا ترَكنا أمراً أو ارتَكبنا مَحظوراً نِسياناً لا عنْ قَصد، أو سهَونا عنِ الصَّوابَ في العَملِ وجَهِلناه.
وفي الحديثِ الصحيحِ الذي مرَّ أنَّ اللهَ استجابَ دعاءَ عبادهِ المؤمنينَ في ذلكَ وقال: "نعم".
وقالوا: ربَّنا ولا تُكَلِّفنا أعمالًا شاقَّةً كما كلَّفْتَ بهِ أمماً ماضِية، مثلَ بني إسْرائيل، الذين كانوا يَعْصُونَ المرَّةَ تِلْوَ الأخرَى، فيُعاقبُهمُ اللهُ بمزيدٍ منَ التكاليف.
ودَعَوا فقالوا: واعفُ عنّا يا ربَّنا تَقصيرَنا وزَلَلنا، واغفرْ لنا ما اقترَفنا منْ ذنوبٍ وسيِّئات، فإنَّهُ لا يَغفِرُها إلا أنت، وارحَمنا برحمتِكَ الواسعة، وتوَلَّنا بحفظِكَ ورِعايتِك، فأنتَ وليُّنا وناصِرُنا، نَستَعينُ بكَ ولا نتوكَّلُ إلاّ عليك، واكتبْ لنا التأييدَ والنصرَ على هؤلاءِ الكافِرينَ الذينَ جَحدوا دينَك، وأنكرُوا وحدانيَّتَك، وكفَروا برسالةِ نبيِّك، وأشرَكوا في عبادتِك، فانصُرنا وأنتَ خَيرُ الناصِرين.
فاستجابَ اللهُ لهم.
والآيتانِ الأخيرتانِ منْ هذه السورةِ العظيمةِ فيهما خيرٌ كثيرٌ لمنْ قرأهما، وفي فضلِهما أحاديث، منها قولهُ صلى الله عليهِ وسلم: "مَنْ قرأ بالآيتَيْنِ مِنْ آخرِ سورةِ البقرةِ في ليلةٍ كَفَتاه". رواهُ الشيخانِ وغيرُهما.
يَعني كَفَتاهُ عنْ قيامِ تلكَ الليلة، أو كَفَتاهُ المكرُوه... وذلكَ لِما فيهما منِ اعتقادٍ شامِل، ومنْ الثَّناءِ على الصَّحابةِ بجميلِ انقيادِهم إلى الله، وابتهالِهم، ورجوعِهم إليه، وما حصلَ لهمْ من الإجابةِ إلى مطلوبِه...