واللهُ لا يَستَحيي أنْ يَضربَ مَثلاً بشيءٍ ما(3)، صَغُرَ أو كَبُر، مِنْ بعوضٍ فما فوقَها، فإنَّ في كلِّ شيءٍ خلقَهُ حِكمةً وعِظة.
فالذينَ آمنوا يَعلمونَ أنَّ ضربَ المَثَلِ بالبعوضِ حَقٌّ، فيؤمنونَ بهِ وبالحِكمةِ منه، أمّا الكافِرونَ فيَزدادونَ بهِ ضَلالة، ويَقولون: ما قيمةُ البَعوض، وما مَوقِعُهُ في الكونِ حتَّى يُضْربَ بهِ المَثَلُ، وهوَ مِنْ أحقرِ المَخلوقات؟!
والبعوضُ مخلوقٌ عَجيبٌ حقًّا، فهوَ معَ صِغَره، لهُ عينانِ ضَخمتانِ تَتكوَّنانِ منْ آلافِ العدَساتِ السُّداسية، وفي رِجلهِ خمسةُ مَفاصلَ رئيسيَّة، معَ زوجٍ منَ المَخالب، وعَضلاتٌ قوَّيةٌ تَلتصِقُ بجدارِ الصدر، ودَبُّوسٌ للتوازنِ في جناحَيه! ولهُ جِهازٌ يَمنعُ تَجلُّطَ الدم، وقدْ يَمتصُّ دماً أكثرَ منْ وزنهِ مرَّةً ونصفَ المرَّة! ولهُ أكثرُ منْ ثلاثةِ آلافِ نوع، وينقلُ أسوأ الأمراض، وماتَ الملايينُ من البشرِ بسببِ ذلك، وهو موجودٌ في كلِّ أنحاءِ العالم.