أيُّها النبيُّ الكريم، لقدْ أحلَلنا لكَ مِنَ النِّساءِ زَوجاتِكَ اللَّواتي أعطَيتَهُنَّ مُهورَهُنّ، وأبَحنا لكَ التَّسَرِّيَ بما تمَلَّكتَهُنَّ عنْ طَريقِ الغنائم، والزَّواجَ مِنْ بَناتِ عَمِّك، وبَناتِ عمَّاتِكَ مِنْ نِساءِ قُرَيش، وبَناتِ خالِك، وبَناتِ خالاتِكَ مِنْ بَني زُهْرَة، اللَّاتي هاجَرْنَ معكَ مِنْ مكَّةَ إلى المدينَة، ويَحِلُّ لكَ الزَّواجُ مِنَ المرأةِ التي وهَبَتْ نَفسَها لك، إنْ شِئتَ أنْ تَتزَوَّجَها بغَيرِ صَداقٍ خالِصَةً لك، لا تَحِلُّ لأحَدٍ غَيرِكَ في الدُّنيا والآخِرَة.
واختُلِفَ في تَعيينِ الواهِبَةِ نَفسَها، وقدْ تَعَدَّدْنَ، كما يأتي في الآيَةِ التَّاليَة، وقدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم واحِدةً أحَدَ أصحابِهِ بما معَهُ مِنَ القُرآن، حيثُ لم يَكنْ لهُ حاجَةٌ في النِّساء.
قدْ عَلِمنا وبَيَّنَّا ما فرَضنا على المسلِمينَ في الزَّواجِ مِنَ الأحكام، وهوَ ألاّ يَتزَوَّجوا أكثرَ مِنْ أربَعِ نساءٍ حَرائر، مع اشتِراطِ الوَليِّ والمَهرِ والشُّهودِ، وما أوجَبنا مِنَ الأحكامِ عليهمْ في التزوُّجِ بالإماء، ولم نُوجِبْ عَليكَ شَيئًا منه، فاختارَ اللهُ لكَ ما هوَ أَولَى وأفضَلُ في دُنياك، وزادَكَ الواهِبَةَ نَفسَها لكَ مِنْ غَيرِ عِوَض، لئلاّ يَكونَ عَليكَ ضِيقٌ في ذلك. وكانَ اللهُ واسِعَ المَغفِرَة، كثيرَ الرَّحمَة.