ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة... - سورة فاطر الآية 18

  1. الجزء الثاني والعشرون
  2. سورة فاطر
  3. الآية: 18

﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِالۡغَيۡبِ وَأَقَامُواْ الصَّلَوٰةَۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفۡسِهِۦۚ وَإِلَى اللَّهِ الۡمَصِيرُ﴾

[فاطر:18]

تفسير الآية

ولا يَحمِلُ أحَدٌ ذَنْبَ آخَر، ولا يُعاقَبُ بذَنْبِ غَيرِه، وإذا دعَتْ نَفسٌ أثقَلَتْها الذُّنوبُ والآثامُ غيرَها إلى حَمْلِ ما عَليها مِنْ ذُنوبٍ يومَ القيامة، فإنَّها لا تَستَجيب، ولا يُحمَلُ عَنها شَيء، وإنْ كانَ طالِبُهُ مِنْ ذَوي قَرابتِه، فالكُلٌّ مَشغُولٌ بنَفسهِ وحَالِه. وهمْ قدْ حمَلوا أثقَالَ إضْلالِهمْ معَ أثقَالِ ضَلالِهمْ، والكلُّ مِن أوزارِهم، لا مِن أوزارِ غيرِهم(118).

وهؤلاءِ الكافِرونَ لا يَتَّعِظونَ بكَلامِك، لأنَّهمْ لا يُؤمِنونَ بالبَعثِ والحِسابِ على الأعمَال، إنَّما يَنفَعُ الوَعظُ والإنذارُ مَنْ يَخافونَ اللهَ وهمْ لم يرَوه، ويَخشَونَ عَذابَهُ وهوَ غائبٌ عَنهم، وواظَبوا على إقامَةِ الصَّلاةِ كما فرَضَها عَليهم.

ومَنْ أصلحَ نَفسَهُ وعَمِلَ عمَلاً حسَنًا، فإنَّ نَفعَهُ وثَوابَهُ يَعودُ عَليه، وإلى اللهِ المَرجِعُ والحِساب، فيُجازي كُلاًّ بما عَمِل، وبما يَستَحِقُّ مِنْ نَعيمٍ أو عَذاب.


(118) إذا كانَ المقصودُ يومَ القيامةِ فلا إشكالَ في الآية، وهو ما ذهبَ إليه ابنُ كثير وغيره.. قال: "وإنْ تَدْعُ نفسٌ مثقلَةٌ بأوزارها إلى أن تُساعَدَ على حملِ ما عليها من الأوزار، أو بعضه، {لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ} أي: وإن كان قريباً إليها، حتى ولو كان أباها أو ابنها، كلٌّ مشغولٌ بنفسهِ وحاله". ووجَّهَهُ العلّامةُ الشوكاني بأوضحَ منه، فقال: المعنى لا تحملُ نفسٌ حملَ نفسٍ أخرى، أي: إثمها، بل كلُّ نفسٍ تحملُ وزرها. ولا تخالِفُ هذه الآيةُ قوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} [سورة العنكبوت: 13]؛ لأنهم إنما حمَلوا أثقالَ إضلالهم مع أثقالِ ضلالهم، والكلُّ من أوزارهم، لا من أوزارِ غيرهم، ومثلُ هذا حديث: "مَن سنَّ سنَّةً سيِّئة، فعليه وزرُها، ووزرُ مَن عملَ بها إلى يومِ القيامة"، فإن الذي سنَّ السنَّةَ السيئةَ إنما حملَ وزرَ سنَّتهِ السيِّئة".

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ

ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير