واعلمْ يا نبيَّ اللهِ أنَّ ربَّكَ قالَ لملائكتِه: سأجعلُ بني آدمَ خُلفاءَ في الأرض، يَخلُفُ بعضُهم بعضاً، وأسخِّرُ جميعَ ما خلقتُهُ فيها منْ طاقاتٍ وخاماتٍ لهم.
وقدْ فَهِمتِ الملائكةُ منَ الطبيعةِ البشريَّة، أو بإلهامٍ منَ الله، أنَّ منَ البشرِ مَنْ يُفسِدُ في الأرض، ويَستغلُّ طاقاتِها في غيرِ وجهتِها الصَّحيحة، فقالوا استِعلاماً واستكشافاً عنِ الحكمةِ في ذلك، لا اعتراضاً على اللهِ سُبحانَه: يا ربَّنا، أتجعلُ في هذهِ الأرضِ مَنْ يَعيثُ فساداً، ويُريقُ الدماءَ بغَيرِ حقّ، مُتجاوزينَ الحِكمَةَ والصَّواب؟ وإذا كانَ الهدفُ منِ استخلافِهمْ فيها عبادتَك، فها نحنُ نُنَـزِّهُكَ ونَحمَدُكَ ونُمَجِّدك، ونعبدُكَ ونصلِّي لك؟
فقالَ اللهُ لهم: إني أعلمُ منَ المصلحةِ في استخلافِهمْ فيها ما لا تَعلمون، فإذا كانَ فيهمْ مُفسِدون، فإنَّهُ يَكونُ منهمْ أنبياءُ وصِدِّيقون، وأولياءُ للهِ مقرَّبون، وعُلماءُ عامِلون، وعُبّادٌ خاشِعون، وشُهداءُ أبرارٌ في عِلِّيين.