إذْ جعلَ الكافِرونَ في قُلوبِهمُ الأنفَةَ والعَصبيَّةَ النَّاشِئةَ مِنَ الجاهليَّةِ المَمقوتَة، تَكبُّرًا وتَعنُّتًا، أثناءَ عَقدِ الصُّلح، فاستَكبَروا عنْ قَولِ "لا إلهَ إلاّ الله"، ورفَضوا كتابَةَ "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيمِ" في أوَّلِ الوَثيقَة، ولم يَقبَلوا كتابةَ "رَسُولِ اللهِ" بعدَ اسمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحالُوا بينَهُ وبينَ بيتِ اللهِ الحرَام، خَوفًا مِنْ أنْ يُعيِّرَهمُ العرَبُ ويَقولوا: إنَّهمْ قتَلوا أبناءَكمْ ثمَّ دخَلوا عَليكمْ مكَّةَ واعتمَروا رَغمًا عنكم!
فأنزلَ اللهُ الطُّمأنينةَ والرِّضا على رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمِنينَ الحاضِرينَ معَه، وألزمَهمْ كلمةَ التَّقوَى، وهي "لا إلهَ إلاَّ الله"، فاستَكبَرَ عَنها المشرِكونَ يَومَ الحُديبيَة، وكانَ المُسلِمونَ أحقَّ بها منهمْ في عِلمِ اللهِ تَعالَى، ولذلكَ فازُوا بها، فكانوا أهلَها، واللهُ عَليمٌ بكُلِّ شَيء، فيَعلَمُ مَنْ يَستَحِقُّ الهِدايَة، ومَنْ هوَ أهلٌ للكُفرِ والضَّلال.