محمَّدٌ رَسُولُ اللهِ حقًّا، والذينَ معَهُ مِنْ صَحابَتِهِ رِضوانُ اللهِ عَليهم، أشِدَّاءُ عَنيفُونَ على الكُفَّارِ أعداءِ الدِّين، رُحَماءُ مُتوادُّونَ معَ إخوانِهمُ المؤمِنين، تَراهمْ راكِعينَ ساجِدينَ لكثرَةِ صَلاتِهمْ ومُداوَمَتِهمْ عَليها، يَطلُبونَ الثَّوابَ والرِّضا مِنَ الله، عَلامَةُ الخُشوعِ والتَّواضُعِ ظاهِرَةٌ على وجوهِهمْ مِنْ أثَرِ السُّجود، فالشَّيءُ الكامِنُ في النَّفسِ يَظهَرُ أثَرُهُ على صَفَحاتِ الوَجه. كانَ ذلكَ وَصفَهمْ في التَّوراة.
وصِفَتُهمْ في الإنجيل: كزَرعٍ تفَرَّعَ منهُ ورَقُهُ على جانِبَيه، فشَدَّهُ بذلكَ وقَوَّاه، فغَلَظَ وطَال، فتَمَّ واستَقامَ على أُصولِه، يُعجِبُ الزَّارِعينَ بوَصفِهِ المَذكورِ وجَمالِ مَنظَرِه.
وهذا مَثَلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه، فقدْ قامَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بالدَّعوَةِ وَحدَه، ثمَّ قَوَّاهُ أصحابُه، فآزَروهُ ونصَروه.
ليَغيظَ اللهُ بهمُ الكافِرين، بجِهادِهمْ وشِدَّتِهمْ عَليهم، وإخلاصِهمْ لهذا الدِّين.
وعدَ اللهُ الذينَ أخلَصوا منهمْ في إيمانِهم، وعَمِلوا حسَنًا، أنْ يَغفِرَ لهمْ ذُنوبَهم، ويُؤتيَهمْ ثَوابًا كبيرًا ورِزقًا كريمًا، واللهُ لا يُخلِفُ الميعاد.
قالَ ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ الله: وكُلُّ مَنِ اقتَفَى أثرَ الصَّحابَةِ فهوَ في حُكمِهم، ولهمُ الفَضلُ والسَّبْقُ والكمالُ الذي لا يَلحَقُهمْ فيهِ أحَدٌ مِنْ هذهِ الأمَّة.