يا مَعشرَ الجِنِّ والإنس، إذا قَدَرتُمْ على أنْ تَجوزُوا وتَخرُجوا مِنْ جَوانبِ السَّماواتِ والأرْضِ وأطرَافِهما، فاخرُجوا منهما، ولكنَّكمْ لا تَستَطيعونَ ذلكَ إلاّ بعِلمٍ وقوَّةٍ مؤيَّدَةٍ مِنْ عندِ اللهِ وإذنٍ منه، فهوَ مالكُهما والمُتصرِّفُ فيهما، وأينَما ذَهبتُمْ أو اختفَيتُمْ فأنتُمْ في مُلكِهِ وتحتَ حُكمِهِ وسَيطرَتِه.
ولفائدَةٍ علميَّة، فإنَّ السَّماءَ ليسَتْ فَراغًا، بلْ هيَ مَليئةٌ بالموادِّ الغازيَّة، وبَعضِ الموادِّ الصُّلبة، وكميَّاتٍ هائلةٍ مِنَ الإشعاعاتِ الكونيَّة بمُختَلفِ أنوَاعِها، مثلِ الأشعَّةِ تحتِ الحمراء، والأشعَّةِ السِّينيَّة، وأشعَّةِ جاما. فالسَّماءُ بِناءٌ مُحكَمٌ مَملوءٌ بالمادَّةِ والطَّاقَة، ولا يُمكنُ اختِراقُهُ إلاّ عنْ طَريقِ أبوابٍ تُفتَحُ فيه.
والغِلافُ الجويُّ الذي يُحيطُ بالأرْضِ فيهِ أبوابٌ خاصَّةٌ كذلك، والمَرْكباتُ الفَضائيَّةُ إذا أرادَتْ أنْ تَخرُجُ مِنْ هذا الغِلاف، فإنَّ عَليها أنْ تَسلُكَ طَريقًا مُحدَّدًا ودَقيقًا، وتأخُذَ مَسارًا مُعيَّنًا لتَستَطيعَ أنْ تَنفُذَ مِنْ نِطاقِ الجاذبيَّةِ الأرضيَّةِ إلى الفَضاءِ الخارجيّ، وإلاّ فإنَّها ستَحتَرِقُ في الفَضاء. وأثناءَ عَودَتِها أيضًا عَليها أنْ تَسلُكَ مَسارًا مُعيَّنًا لتَدخُلَ الغِلافَ الجويّ، وإلاَّ فإنَّها ستَبقَى في الفَضاءِ الخارجيّ، أو تَحتَرِق.
ثمَّ إنَّ النَّفاذَ المُطلَقَ للإنسِ والجِنِّ مِنْ هذهِ الجَوانب، التي تَبلغُ ملايينَ السنينَ الضَّوئيَّة، مُستَحيل.