والأنصارُ الذينَ اتَّخَذوا دارَ الهجرَةِ مَنزِلاً وسَكنًا قَبلَ المُهاجِرين، وآمَنوا قَبلَ كثيرٍ منهم، يُحبُّونَ إخوانَهمُ الذينَ هاجَروا إليهم، ويُواسُونَهم، ولا يَتبرَّمونَ مِنْ حَوائجِهم، ولا يَجدونَ في نفُوسِهمْ حَسدًا لهمْ ممَّا أُعطُوا مِنْ فَيءٍ وغَيرِه، ويُفَضِّلونَهمْ على أنفُسِهمْ في كُلِّ شَيء، ولو كانَ بهمْ حاجَة، ومَنْ مَنعَ نَفسَهُ مِنَ البُخلِ والحِرصِ على المَال، فقدْ أفلحَ وفاز.
وفي حديثِ جابرٍ المرفوعِ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "واتَّقوا الشُّحّ، فإنَّ الشُّحَّ أَهلَكَ مَنْ كانَ قَبلَكم، حملَهمْ على أنْ سفَكوا دِماءَهم، واستَحلُّوا مَحارِمَهم". رَواهُ مُسلم.
والشُّحُّ أشَدُّ البُخل، وأبلَغُ في المَنعِ مِنَ البُخل. وفيهِ أقوالٌ أخرى ذكرَها النَّوَويُّ في شَرحِهِ على صَحيحِ مُسلم.