لمَّا عزَمَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على فَتحِ مكَّة، عَمَدَ الصَّحابيُّ حاطِبُ بنُ أبي بَلتَعةَ فكتبَ كتابًا إلى بَعضِ المُشرِكينَ يُخبِرُهمْ ببَعضِ أمرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأرسلَهُ معَ امرأة، فأُخْبِرَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بذلكَ وَحيًا، فبَعثَ عليًّا والزُّبَيرَ والمِقدادَ رَضيَ اللهُ عَنهمْ ليَأخُذوهُ منها، ثمَّ بعثَ إلى حاطِبٍ يَسألُهُ عنْ سبَبِ ما فَعلَه، فذكرَ أنَّهُ كانَ لخَوفٍ على قَراباتِهِ بمكَّة، ليتَّخِذَ عندَ المشرِكينَ يَدًا بذلك، فلا يُؤذُونَهم، وليسَ رِضًى بالكُفر. فنزَلَتِ الآيَة.
أيُّها المؤمِنون، لا تتَّخِذوا عَدوِّي وعدوَّكمْ مِنَ الكافِرينَ أصدِقاءَ تُوالُونَهم، تَمُدُّونَ إليهمْ يدَ المحبَّةِ والتَّقارُب، وقدْ كفَروا بالقُرآنِ المُوحَى بهِ مِنْ عندِ الله، يُخرِجونَ الرسُولَ وإيَّاكمْ مِنْ بينِ أظهُرِهم، لا لشَيءٍ إلاّ لإيمانِكمْ بربِّكمْ وإخلاصِكمُ العِبادَةَ لهُ وَحدَه، فلا تتَّخِذوهمْ أصدِقاءَ إنْ كنتُمْ خرَجتُمْ مُجاهِدينَ في سَبيلي تَبتَغونَ مَرضاتي، تُشعِرونَهمْ بالمَودَّةِ سِرًّا وأنا أعلَمُ بما أخفَيتُموهُ في صُدورِكمْ وما أظهَرتُموهُ بألسِنَتِكم، ومَنْ يَفعَلْ ذلكَ منكمْ فقدْ أخطأَ طَريقَ الهُدَى وانحرَفَ عنِ الصَّواب.