كانَ مِنْ بُنودِ صُلحِ الحُدَيبيَة، أنَّ مَنْ أتَى رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أهلِ مكَّة، وإنْ كانَ مُسلِمًا، ردَّهُ إليهم، فنَزلَتِ الآيةُ باستِثناءِ النِّساءِ مِنْ ذلك، إذا كانتْ هِجرَتُهنَّ عنْ إيمَانٍ حقًّا.
أيُّها المؤمِنون، إذا جاءَكمُ المؤمِناتُ - ظاهِرًا - مُهاجِراتٍ مِنْ دارِ الكُفرِ إلى دارِ الإسْلام، فاختَبِروهنّ، واسألوهُنَّ ما جاءَ بهنّ؟ فإذا كانَ خُروجُهنَّ رَغبةً في الإسْلامِ وحُبًّا للهِ ورسُولِه، وغلبَ على ظنِّكمْ صِدقُهنّ، واللهُ أعلَمُ منكمْ بإيمَانِهنَّ وصِدقِهنَّ في ذلك، فلا تُعيدوهنَّ إلى أزواجِهنَّ الكفَّار، فإنَّهُ لا يَحِلُّ لهنَّ الزَّواجُ بالمشرِكين، ولا يَحِلُّ للمشرِكينَ الزَّواجُ بهنّ. قالَ في "روحِ المَعاني": الجُملةُ الأُولَى لبيانِ الفُرقَةِ الثَّابتةِ وتَحقُّقِ زَوالِ النِّكاحِ الأوَّل، والثَّانيةُ لبيانِ امتِناعِ ما يُستأنَفُ ويُستَقبَلُ مِنَ النِّكاح. اهـ.
قالَ ابنُ كثيرٍ رَحِمَهُ الله: هذهِ الآيةُ هيَ التي حرَّمَتِ المُسلِماتِ على المشرِكين، وقدْ كانَ جائزًا في ابتِداءِ الإسلامِ أنْ يَتزَوَّجَ المُشرِكُ المؤمِنة. اهـ.
وأعطُوا أزواجَهنَّ الكفَّارَ ما دفَعوا إليهنَّ مِنَ المُهور، ولا حَرجَ عَليكمْ أنْ تَتزوَّجوا بهنَّ - في حالِ إسلامِهنَّ- إذا أعطَيتُموهنَّ مُهورَهنَّ. ولا يَحِلُّ لكمْ أنْ تَنكِحوا الكافِرات، ولا أنْ تَستَمِرُّوا في الزوَاجِ معَهنّ. واطلُبوا - مَعشرَ المؤمِنينَ - مِنَ الكفَّارِ مُهورَ زَوجاتِكمُ المشرِكاتِ اللَّاحِقاتِ بهم، وليَطلُبِ الكفَّارُ منكمْ مُهورَ زَوجاتِهمُ اللَّائي أسلَمْنَ ولَحِقْنَ بكم. وما ذُكِرَ هوَ أمرُ اللهِ وحُكمُهُ الذي قضَاهُ بينَكم، فاتَّبِعوه، واللهُ عَليمٌ بما يُصلِحُكم، حَكيمٌ فيما يَقضي ويُقَدِّر.