أيُّها النبيُّ الكَريم، إذا جاءَكَ المؤمِناتُ بقَصدِ المُبايعَةِ على الإسْلام، على أنْ يُوَحِّدْنَ اللهَ تَعالَى في العِبادَة، فلا يُشرِكنَ بهِ شَيئًا مِنَ الأشياء، ولا يَسرِقْنَ مِنْ أموالِ النَّاس، ولا يَرتَكِبْنَ فاحِشَةَ الزِّنا، ولا يَقتُلْنَ أولادَهنَّ، كما كانَ يُفْعَلُ في الجاهليَّةِ مِنْ وَأدِ البَنات، خَوفًا مِنَ الفَقر، أو خَوفًا مِنْ أنْ يُعيَّروا بالبَنات. قالَ ابنُ كثير: "ويَعُمُّ قَتلَهُ وهوَ جَنين، كما قدْ يَفعَلُهُ بَعضُ الجهلَةِ مِنَ النِّساء"، يَعني الإجهَاض، الذي اتَّفقَ العُلَماءُ على تَحريمِهِ دونَ عُذرٍ بعدَ الشَّهرِ الرَّابع، حيثُ يُنفَخُ فيهِ الرُّوح، وهوَ جِنايَةٌ تُوجِبُ غُرَّة، وهيَ دِيَةُ الجَنين: عَبدٌ أو أَمَة، فإنْ لم يوجَدا فعُشرُ دِيَةِ الأُمّ، ودِيَتُها خَمسونَ منَ الإِبِل.
وعلى ألاّ يُلحِقْنَ بأزواجِهمْ غَيرَ أولادِهم. وفي الحديثِ المرفوعِ الذي رَواهُ ابنُ حِبَّانَ في صَحيحِه: "أيُّما امرأةٍ أدخلَتْ على قَومٍ مَنْ ليسَ منهم، فليسَتْ مِنَ اللهِ في شَيء، ولنْ يُدخِلَها اللهُ جنَّتَه".
وألاَّ يَعصِينَكَ فيمَا تأمرُهنَّ بهِ مِنْ مَعروف، وتَنهاهُنَّ عنْ مُنكَر.
قالَ في "روحِ المعاني": والتَّقييدُ بـ "المَعروفِ" معَ أنَّ الرسُولَ صلى الله عليه وسلم لا يأمرُ إلاّ به، للتَّنبيهِ على أنَّهُ لا يَجوزُ طاعَةُ مَخلوقٍ في مَعصيَةِ الخالق، ويُرَدُّ بهِ على مَنْ زعمَ مِنَ الجهلَةِ أنَّ طاعةَ وليِّ الأمرِ لازِمَةٌ مُطلقًا! اهـ.
فإذا التزَمْنَ بتلكَ الشُّروط، فاقبَلْ مُبايَعتَهنّ، ولهنَّ الثَّوابُ على الوَفاءِ بها. واطلُبِ المَغفِرَةَ لهنّ، واللهُ كثيرُ الغُفرانِ لذُنوبِ عِبادِهِ التَّائبين، رَحيمٌ بالمؤمِنينَ منهم.
وقدْ ثبتَ في الصَّحيحِ أنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يُبايعُهنَّ كلامًا، "ما مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امرأةٍ قَطُّ في المُبايعَة". رواهُ البُخاريُّ وغَيرُه.