أيُّها المؤمِنون، لا تَتهاونوا بما حرَّمَ اللهُ عليكمْ مِنْ أمورٍ تَخُصُّ مناسِكَ الحجِّ وعلاماتٍ يَعْرِفُ بها الحاجُّ أداءَ حجِّه، فلا تُحِلُّوا ما حرَّم اللهُ منها، ولا القِتالَ في الشَّهرِ الحرام، وهوَ ذو القَعدة، وذو الحِجَّة، والمحرَّم، ورَجَب. ولا تَتركوا إهداءَ النُّسكِ إلى بيتِ اللهِ الحرام، منْ بَعيرٍ وبَقرٍ وشِياه، ولا تَتركوا تقليدَها في أعناقِها، لتَتميَّزَ بهِ عنْ سائرِ الأنعام، ولتُعرَفَ ويتجنَّبها مَنْ أرادَها بسُوء.
ولا تَتعرَّضوا بسُوءٍ لمَنْ قَصَدَ البَيتَ الحرامَ (وكانَ بينهم مُشرِكون)، يُريدونَ بذلكَ الرِّزقَ والتِّجارة، أو التعبُّدَ لرضَى اللهِ – بزعمِهم -، فلا تَمنعوهمْ ولا تُخَوِّفوهم، فإنَّ مَنَ دخلَ البيتَ كانَ آمِناً.
ثمَّ نُسِخَ هذا بقولهِ تعالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا} [سورة التوبة: 28]، وقولهِ: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [سورة التوبة: 5].
فإذا تَحلَّلتُمْ منَ الإحرام، فقدْ أُبيحَ لكمُ الاصطياد.
ولا يَحملنَّكمْ عداوةُ وبُغْضُ قومٍ سبقَ أنْ مَنعوكمْ منَ البيتِ الحرامِ أنْ تَظلِموهمْ وتَعتَدوا عليهمْ بالقَتلِ وأخذِ الأموال.
ولْيُعِنْ بعضُكمْ بعضاً على فعلِ الخَيرات، وعلى الحِلْمِ والعَفو، وعلى الطَّاعةِ والخَشية، وفي التقوَى رضا الله، وفي البِرِّ بالناسِ رِضاهُم، وأجمِلْ بذلك إذا اجتَمعا في المرء.
ولا تَتعاوَنوا على الإثمِ والكفر، والظُّلمِ والمَعصية، والمُنكرِ والباطِل.
واتَّقوا اللهَ واخشَوْهُ في جميعِ أمورِكم، ومنها الأوامرُ والنواهي المذكورةُ سابقاً، فإنَّ عقابَهُ شديدٌ لمنْ خالفَهُ.