وفرَضنا على بَني إسرائيلَ في التَّوراةِ أنَّ النفسَ المقتولةَ بغيرِ حقٍّ يُقتَصُّ لها بقَتلِ قاتلِها، والعَينُ تُفْقأ بالعَين، والأنفُ تُجْدَعُ بالأنف، والأذُنُ تُقْطَعُ بالأذُن، والسنُّ تُقلَعُ بالسنّ، وسائرُ الجروحِ يُقاسُ عليها في القِصاص، فيما يمكنُ القِصاصُ منه، كاليد، والرِّجْل، واللِّسان. وما لا يُمكِنُ القِصاصُ منه، ككَسرِ عَظم، أو جَرحِ لحم، ونحوِه، فلا قِصاصَ فيه، بلْ فيهِ حُكومةُ عَدل، فيُحْكَمُ لهُ بما يَستَحِقُّهُ مِنْ مال، وهوَ ما يُسَمَّى بالأَرْش، ويَعني دِيَةَ الجِراحة. وقدْ قدَّرَ أئمَّةُ الفقهِ أرشَ كلِّ جراحةٍ بمقاديرَ معلومة، تُنظَرُ في مَظانِّها.
فمَنْ عفا عنْ صاحبهِ ولم يَقتصَّ منه، فهو كفّارةٌ لذَنْبهِ بما شاءَ الله.
ومَنْ لم يَحكمْ بما أنزلَ اللهُ مِنْ هذهِ الأحكام، فإنَّهم مِنَ الظالمين.
وهذهِ الأحكامُ مُقَرَّرةٌ في شرعِنا أيضاً، قالَ اللهُ سبحانه: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 179]. وقدْ مرَّ تفسيرُها.