فترَى الذينَ في قلوبِهمْ شَكٌّ ونِفاق، ممَّنْ يُوالُونَ اليَهود، ويُبادِرونَ إلى مَعونتِهمْ ومَودَّتهم، يَقولونَ في سَببِ موقفِهم: إنَّهمْ يَخشَونَ أنْ يَنتصِرَ الكافِرونَ على المسلِمين. فهمْ يوالونَ المسلِمينَ حتَّى تبقَى لهمْ يدٌ عندَهم، أو أنَّهمْ لا يَنقطِعونَ عنهمْ لمظنَّةِ حاجتِهمْ إلى أموالِهمْ في وقتِ جَدْبٍ وقَحْط!
أي أنهمْ يوالُونَ الفَريقَين، وموالاتُهم للمُسلمينَ خشيةَ ألّا يَتمَّ أمرُهم، فيدورَ الأمرُ عليهم، ويُصيبَهم مكروهٌ من الكفّار! وهذا مِن تَذبذُبِهمْ ونِفَاقِهم، وخَوفِهمْ على أنفُسِهم، وجعلِهمْ مَصلَحتَهمُ المؤقَّتةَ مبدأَهم.
فعسَى أنْ يَفتَحَ اللهُ عليكمُ أيُّها المسلِمون، فيَنصُرَكم، عندَ فتحِ مكَّة، أو فتحِ قُرَى اليهود، مثلِ خَيبرَ وفَدَك، أو إجلاءِ بني النَّضِير، أو قتلِ وسَبي ذَراريِّ بني قُرَيظة، أو يُتِمَّ أمرَ الإسلامِ فيُظهِرَهُ على الدِّينِ كلِّه، وتَبقَى القوَّةُ والعِزَّةُ والنُّصرةُ للمُسلِمين، فيُصبِحُ المنافِقونَ الموالونَ لليهود، نادمينَ مُتحَسِّرينَ على موالاتِهمْ لهم، حيثُ لم يَنفعْهُمْ موقفُهمْ هذا شيئاً، بلْ زادَ اللهُ مِنْ حَسرتِهمْ أنْ فَضحَهمْ وأظهرَ أمرَهمْ للمُسلِمين، بعدَ أنْ كانوا مَستورِين.