والمسيحُ عيسَى بنُ مريمَ ما هو إلا عبدٌ رَسَولٌ وليسَ بإله، وقدْ سبقَهُ رسلٌ منْ أمثالهِ كانوا بشَراً كذلك، ولم يَكونوا آلهة. وإذا كانَ أُوتيَ مُعجِزاتٍ خارِقة، فإنَّ مَنْ سبقَهُ منَ الرسُلِ كذلكَ أُوتوا مُعجِزاتٍ خارِقة، وإذا كانَ قدْ خُلِقَ منْ غيرِ أب، فإنَّ هناكَ مَنْ خُلِقَ منْ دونِ أبٍ ولا أمّ، وهوَ آدمُ عليه السَّلام، ولم يَكنْ إلهاً.
وأمُّهُ مريمُ كذلكَ كسائرِ النِّساء، كانتْ وليَّةً طاهرة، مؤمِنةً بابنِها نبيًّا ورَسُولاً، مُصَدِّقةً لهُ فيما يُبَلِّغُ عنْ ربِّه، ولم تكنْ إلهة. وكانَ كلاهما يَجوعانِ ويَعيشانِ بالغِذاءِ كسائرِ الآدَميين، ويَتخلَّصانِ منْ فَضلاتِهما كما يَتخلَّصُ منها البشَر. فكيفَ يجوعُ الإلهُ ويَهلِكُ إذا لم يأكل؟ وكيفَ يَتغوَّطُ الإله؟! بلْ هذهِ كلُّها صفاتُ آدميِّينَ كما تُرَى.
فانظرْ كيفَ نُبيِّنُ لهمُ الأدلَّةَ والحُجَج، والبراهينَ المُقنِعةَ الواحِدةَ تِلْوَ الأخرَى، وانظرْ بعدَها كيفَ يَنصرِفونَ عنِ الحقّ، وعلى أيِّ مذهبٍ ضالٍّ يُقيمون؟!