ستَجِدُ أشدَّ النَّاسَ عداءً للمؤمِنينَ اليهودَ والمشرِكين.
أمّا اليهود: فلعِنادهمْ وجُحودهم، وتضاعُفِ كُفرِهمْ، واتِّباعِهمُ الهوَى، وكذبِهمْ وافتِرائهم، وتمرُّدِهمْ على الحقّ، حتَّى قَتلوا أنبياء، وهمُّوا بقتلِ رسولِنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم غيرَ مرَّةٍ وسَحَروه، ووَضعوا في ديِنهمْ توجيهاتٍ بإيذاءِ مَنْ يُخالِفُهم!
والمشرِكونَ يُماثلونَهمْ في صِفاتٍ عدَّة، وقدْ غلبَ عليهمُ التقليدُ فسَدُّوا منافذَ الفِكرِ والفِطرةِ في نفوسِهم، فلازَموا الكفر، وفتَنوا المؤمنينَ عنْ دينِهم، وحارَبوا الدِّينَ الحقَّ بكلِّ ما أُوتوا منْ قوَّة..
وستَجِدُ أقربَ الناسِ مَودَّةً للمؤمِنين - منْ بينِ مِلَلِ الكُفرِ - الذينَ زَعَموا أنَّهمْ نصارَى مِنْ أتباعِ المسيح، وذلكَ لرأفةٍ في قلوبِهمْ ورِقَّة، وفيهمْ علماءُ ورُهبانٌ وعُبّادٌ يتَّصفونَ بالعلمِ والعِبادةِ والتواضُع، وهؤلاءِ لا يَستكبرونَ عنِ الانقيادِ للحقِّ إذا عَرَفوهُ وفَهِموه. ولعلَّ التعبيرَ للكثيرِ مِنْ هؤلاء، أو أكثرِهم.
قالَ القاضي البيضاويّ: فيهِ دليلٌ على أنَّ التواضُعَ والإقبالَ على العِلمِ والعمَل، والإعراضَ عنِ الشَّهوات، مَحمودٌ وإنْ كانَ مِنْ كافِر.
قلت: وهناكَ فُرصةٌ طيِّبةٌ لدعوةِ هذه الفئةِ إلى الإسْلام، وأمَلٌ في إسلامِهم.
والآيَةُ مُرتَبِطَةٌ بما بَعدَها.