تفسير الجزء 29 من القرآن الكريم

  1. أجزاء القرآن الكريم
  2. الجزء التاسع والعشرون
29
سورة الملك
سورة القلم
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات

﴿وَجَآءَ فِرۡعَوۡنُ وَمَن قَبۡلَهُۥ وَالۡمُؤۡتَفِكَٰتُ بِالۡخَاطِئَةِ﴾ [الحاقة:9]


وجاءَ فِرعَونُ ومَنْ قَبلَهُ مِنَ الأُمَمِ الكافِرَة، وقُرَى قَومِ لُوطِ المُنقَلِبات، بالشِّركِ والمَعصيَةِ والأفعالِ الشَّنيعَة.

﴿فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً﴾ [الحاقة:10]


فَكذَّبَ كلٌّ رسولَ اللهِ إليهمْ وخالَفوه، فأخذَهمُ اللهُ بعَذابٍ شَديدٍ زائد.

﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الۡمَآءُ حَمَلۡنَٰكُمۡ فِي الۡجَارِيَةِ﴾ [الحاقة:11]


ولمَّا زادَ الماءُ وارتفَعَ حتَّى عَلا على كُلِّ شَيء، في زمَنِ نُوحٍ عليهِ السَّلام، الذي أصَرَّ قَومُهُ على الكفرِ بهِ وبرِسالَةِ ربِّهم، حمَلنا آباءَكمُ الذينَ أنتُمْ مِنْ أصْلابِهم (نُوحًا ووُلْدَه)، في السَّفينَةِ الكبيرَةِ التي صَنعَها نُوح.

﴿لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ﴾ [الحاقة:12]


لنجعلَ إغراقَ قَومِ نُوح، ونَجاةَ المؤمِنينَ منهم، عِبرَةً وعِظَةً لكم، تَدلُّ على قُدرَةِ اللهِ وقَهرِه، وعلى رأفَتِهِ ورَحمَتِه، ولتَفهمَ هذهِ النِّعمَةَ أذُنٌ تَسمَعُ وتَعي، وتَنتَفِعُ بما تَسمَع.

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفۡخَةٞ وَٰحِدَةٞ﴾ [الحاقة:13]


فإذا نَفخَ إسرَافيلُ في الصُّورِ نَفخةً واحِدَة. وهيَ النَّفخَةُ الأُولَى، التي يَكونُ عندَها خَرابُ العالَم.

﴿وَحُمِلَتِ الۡأَرۡضُ وَالۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ﴾ [الحاقة:14]


ورُفِعَتِ الأرْضُ والجِبالُ التي فيها مِنْ أماكنِها فضُرِبَتا ضَربَةً واحِدَة، فبُدِّلَتِ الأرْضُ غَيرَ الأرْض، وصارَتِ الجِبالُ مِثلَ كُثبانِ الرَّمل، بَعدَما كانتْ حِجارَةً صمَّاء.

﴿فَيَوۡمَئِذٖ وَقَعَتِ الۡوَاقِعَةُ﴾ [الحاقة:15]


فيَومَئذٍ قامَتِ القِيامَة، التي لا بُدَّ مِنْ وقُوعِها كما وعدَ الله.

﴿وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ﴾ [الحاقة:16]


وتَصدَّعَتِ السَّماء، فهيَ يَومَئذٍ ضَعيفَةٌ مُتَداعيَةٌ للسُّقوط.

﴿وَالۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ﴾ [الحاقة:17]


والمَلائكةُ على جَوانبِها، ويَحمِلُ يَومَ القِيامَةِ عَرشَ رَبِّكَ فَوقَهمْ ثَمانيةٌ مِنَ المَلائكة.

﴿يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ﴾ [الحاقة:18]


في ذلكَ اليَومِ تُعرَضونَ على اللهِ الذي لا يَخفَى عليهِ سِرٌّ مِنْ أسرَارِكم، ليُحاسِبَكمْ عَليها(150).

(150) {تُعْرَضُونَ}: أي: تُسألون وتُحاسَبون. عبَّرَ عنه بذلك تشبيهًا له بعرضِ السلطانِ العسكرَ لتعرُّفِ أحوالهم. يقال: عرضَ الجندَ إذا أمرَّهم عليه ونظرَ ما حالهم. والخطابُ عامٌّ للكلّ، على التغليب. (روح البيان).

﴿فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقۡرَءُواْ كِتَٰبِيَهۡ﴾ [الحاقة:19]


فأمَّا مَنْ أُوتيَ صَحيفةَ أعمالِهِ بيدِهِ اليُمنَى، فيَفرَحُ بفَوزِهِ ويَقول: خُذوا واقرَؤوا ما في صَحيفَتي، فإنِّي مِنَ الفائزِين.

﴿إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَٰقٍ حِسَابِيَهۡ﴾ [الحاقة:20]


لقدْ كنتُ مُوقِنًا بالبَعثِ والحِسَاب، وبالثَّوابِ والعِقاب.

﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ﴾ [الحاقة:21]


فهوَ في عِيشَةٍ مَرضيَّة(151)، وسَعادَةٍ غامِرَة.

(151) العِيشة: حالةُ العيشِ وهيئتُه. (التحرير).

﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٖ﴾ [الحاقة:22]


في جنَّةٍ واسِعَةٍ مُرتَفِعَة.

﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ﴾ [الحاقة:23]


ثِمارُها قَريبةُ التَّناول، للقائمِ والقاعِد.

﴿كُلُواْ وَاشۡرَبُواْ هَنِيٓـَٔۢا بِمَآ أَسۡلَفۡتُمۡ فِي الۡأَيَّامِ الۡخَالِيَةِ﴾ [الحاقة:24]


كُلُوا مِنْ طَعامِ الجنَّةِ وثِمارِها، واشرَبوا مِنْ أنهارِها اللَّذيذَة، سائغًا مريئًا، بما قدَّمتُمْ مِنَ الأعمَالِ الصَّالحةِ في أيَّامِ الدُّنيا.

﴿وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُوتَ كِتَٰبِيَهۡ﴾ [الحاقة:25]


وأمَّا مَنْ أُوتيَ صَحيفةَ أعمالِهِ بيدِهِ الشِّمال، فيَندَمُ غايةَ الندَم، ويَقول: يا لَيتَني لم أُعْطَ صَحيفَتي،

﴿وَلَمۡ أَدۡرِ مَا حِسَابِيَهۡ﴾ [الحاقة:26]


ولم أعرِفْ جَزائي ومَصيري،

﴿يَٰلَيۡتَهَا كَانَتِ الۡقَاضِيَةَ﴾ [الحاقة:27]


لَيتَ المَوتةَ التي مُتُّها في الدُّنيا كانَتِ الأخيرَةَ فلمْ أُبعَثْ ولم أُحاسَب،

﴿مَآ أَغۡنَىٰ عَنِّي مَالِيَهۡۜ﴾ [الحاقة:28]


لم يَنفَعْني مَالي الذي جمَعتُهُ في الحيَاةِ الدُّنيا شَيئًا، ولم يَدفَعْ عنِّي سُوءَ ما أُلاقيهِ مِنَ العَذاب،

﴿هَلَكَ عَنِّي سُلۡطَٰنِيَهۡ﴾ [الحاقة:29]


ولم يُغْنِ عنِّي عِلمي وحُجَّتي وجِدالي، وشهاداتي وخِبرَاتي. أو لم يُغْنِ عنِّي جاهي ومَنصِبي، وأنصاري وجَماهيري الكثيرَة، لقدْ بطَلَتْ جَميعُها، وعجَزَتْ عنِ القِيامِ بأيِّ شَيءٍ لي.

﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ [الحاقة:30]


خُذوهُ أيُّها الزَّبانيَة، وشُدُّوا يدَهُ إلى عُنُقِهِ بالقيُود،

﴿ثُمَّ الۡجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ [الحاقة:31]


ثمَّ أدخِلوهُ نارَ الجَحيمِ المؤجَّجَة،

﴿ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَاسۡلُكُوهُ﴾ [الحاقة:32]


ثمَّ أدخِلوهُ في سِلسِلَةٍ طُولُها سَبعونَ ذِراعًا، حِلَقٌ داخِلَةٌ في حِلَق، تُوقَدُ في نَارِ جهنَّمَ وتُلَفُّ على جسَدِهِ مِنْ جَميعِ جِهاتِه.

﴿إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤۡمِنُ بِاللَّهِ الۡعَظِيمِ﴾ [الحاقة:33]


إنَّهُ كانَ مُصِرًّا على الكُفرِ والتَّكذيب، لا يَقومُ بحقِّ اللهِ مِنَ الطَّاعَة، خَلا قَلبُهُ مِنْ نُورِ الإيمَان، فصارَ خَرِبًا مَوَاتًا، لا يَصلُحُ لهُ إلاّ النَّارُ والعَذاب.

﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الۡمِسۡكِينِ﴾ [الحاقة:34]


وما كانَ يَرحَمُ العِباد، فلا يُطعِمُ الجَوعَى مِنَ الفُقَراءِ والمُحتاجين، ولا يَحُثُّ أهلَهُ على ذلك.

﴿فَلَيۡسَ لَهُ الۡيَوۡمَ هَٰهُنَا حَمِيمٞ﴾ [الحاقة:35]


فليسَ لهُ في هذا اليَومِ قَريبٌ يُنقِذُهُ مِنَ العَذابِ الذي هوَ فيه، أو يُخَفِّفُ عنه.

﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنۡ غِسۡلِينٖ﴾ [الحاقة:36]


وليسَ لهُ مِنَ الطَّعامِ إلاّ الغِسلِين، الذي ذُكِرَ أنَّهُ صَديدُ أهلِ النَّار، وهوَ ما يَسيلُ مِنْ لُحومِهمْ وجُروحِهم.

﴿لَّا يَأۡكُلُهُۥٓ إِلَّا الۡخَٰطِـُٔونَ﴾ [الحاقة:37]


لا يأكلُهُ إلاَّ الكافِرون.

وقالَ الفَخرُ الرازيّ: لا يأكلُهُ إلاّ الآثِمونَ أصحَابُ الخَطايا، وخَطِئَ الرجُلُ إذا تعمَّدَ الذَّنْب، وهمْ المشرِكون... ويَجوزُ أنْ يُجابَ عنهُ بأنَّ المُرادَ الذينَ يَتخطَّونَ الحقَّ إلى الباطِلِ ويَتعَدَّونَ حُدودَ الله.

﴿فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَا تُبۡصِرُونَ﴾ [الحاقة:38]


فأُقسِمُ بما ترَونَ مِنَ الآيَاتِ الدالَّةِ على كمالِ قُدرَتي وعَظمَتي،

﴿وَمَا لَا تُبۡصِرُونَ﴾ [الحاقة:39]


وبما غابَ عنكمْ مِنْ أسرَارِ القُدرَةِ العَظيمَة،