تفسير الجزء 29 من القرآن الكريم

  1. أجزاء القرآن الكريم
  2. الجزء التاسع والعشرون
29
سورة الملك
سورة القلم
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات

﴿إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ﴾ [الحاقة:40]


إنَّ القُرآنَ العَظيمَ يَتلُوهُ رَسُولُهُ الكَريم، يُبَلِّغُهُ عنِ اللهِ رَبِّ العالَمين.

﴿وَمَا هُوَ بِقَوۡلِ شَاعِرٖۚ قَلِيلٗا مَّا تُؤۡمِنُونَ﴾ [الحاقة:41]


وليسَ هوَ بقَولِ شاعِرٍ كما يَقولُ الجاهِلون، فالشِّعرُ مَعروفٌ بأوزانِهِ وقَوافيه، ونُقَّادُهُ يَعرِفونَهُ جيِّدًا، ومحمَّدٌ لا يُحسِنُ قَولَ الشِّعر، وأنتُمْ قَليلاً ما تُصَدِّقونَ هذا، تمَرُّدًا وعِنادًا مِنكم.

﴿وَلَا بِقَوۡلِ كَاهِنٖۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة:42]


ولا هوَ بقَولِ كاهِنٍ كما تدَّعون، فإنَّ أحوالَ نبيِّكمْ وشَأنَهُ بينَكم، وكلِماتِهِ ودَعوتَه، لا تُوافِقُ شَأنَ الكهَّانِ الذينَ يُورِدُونَ الأخبارَ بالظُّنونِ والأباطِيلِ فيَكذِبون، وأنتُمْ قَليلاً ما تَتذَكَّرونَ هذا وتتَّعِظونَ به.

﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الحاقة:43]


إنَّهُ وَحيٌ مِنَ اللهِ أنزلَهُ على نَبيِّهِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بواسِطَةِ جِبريل(152).

(152) عبَّرَ عن الجلالةِ بوصفِ {رَّبِّ الْعَالَمِينَ} دونَ اسمِهِ العلَم، للتنبيهِ على أنه ربُّ المخاطَبين، وربُّ الشعراءِ والكهَّانِ الذين كانوا بمحلِّ التعظيمِ والإِعجابِ عندهم، نظيرَ قولِ موسى لفرعون: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [سورة الشعراء: 26}. (التحرير والتنوير).

﴿وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ الۡأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة:44]


ولو أنَّ النبيَّ افترَى عَلينا قَولاً، أو زادَ أو نقَصَ مِنْ وَحينا إليهِ شَيئًا،

﴿لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِالۡيَمِينِ﴾ [الحاقة:45]


لأمسَكناهُ وانتقَمْنا منهُ بقُوَّةٍ وقُدرَة،

﴿ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ الۡوَتِينَ﴾ [الحاقة:46]


ثمَّ لقطَعنا منهُ نِياطَ قَلبِه. والوَتين: الشِّريانُ الرَّئيسيُّ الخارِجُ مِنَ القَلب.

﴿فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ﴾ [الحاقة:47]


فلا يَقدِرُ أحَدٌ منكمْ على مَنعِنا مِنْ عُقوبَتِهِ إذا أرَدنا بهِ ذلك.

﴿وَإِنَّهُۥ لَتَذۡكِرَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [الحاقة:48]


وإنَّ هذا القُرآنَ مَوعِظَةٌ للمُؤمِنينَ الصَّالحين، يَنتَفِعونَ بهِ فيَهتَدون، ويَعمَلونَ بهِ فيَفوزُون.

﴿وَإِنَّا لَنَعۡلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ﴾ [الحاقة:49]


ونحنُ نَعلَمُ أنَّهُ يوجَدُ منكمْ مَنْ يُكذِّبُ بالقُرآن، معَ وضوحِ آياتِهِ وصِدقِ رسُولِه.

﴿وَإِنَّهُۥ لَحَسۡرَةٌ عَلَى الۡكَٰفِرِينَ﴾ [الحاقة:50]


وإنَّ التَّكذيبَ بهِ سيَكونُ حَسرَةً ونَدامَةً عَلى الكافِرينَ يَومَ الجَزاءِ والحِساب، بما يرفَعُ اللهُ بهِ منْ شأنِ المؤمِنين بهِ ويُثيبُهم، ويَحطُّ منْ قَدْرِ المُكذِّبينَ بهِ ويُعَذِّبُهم.

﴿وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ الۡيَقِينِ﴾ [الحاقة:51]


وإنَّهُ الحقُّ الثَّابتُ، والخبَرُ الصَّادِقُ المُتيقَّن، الذي لا يَعتَريهِ الشَّكّ.

﴿فَسَبِّحۡ بِاسۡمِ رَبِّكَ الۡعَظِيمِ﴾ [الحاقة:52]


فاذكرِ اللهَ باسمِهِ العَظيم، ونزِّهْهُ تَنزيهًا؛ شُكرًا لهُ على ما أوحَى بهِ مِنَ القُرآنِ العَظيم.

سورة المعارج - مكية - عدد الآيات: 44

70

﴿سَأَلَ سَآئِلُۢ بِعَذَابٖ وَاقِعٖ﴾ [المعارج:1]


سألَ سائلٌ كافِرٌ عنْ عَذابِ الله، إنكارًا واستِهزاءً، وهوَ واقِعٌ لا مَحالَة، آمَنَ بهِ أمْ لم يُؤمِن.

﴿لِّلۡكَٰفِرِينَ لَيۡسَ لَهُۥ دَافِعٞ﴾ [المعارج:2]


وهوَ مُعَدٌّ للكافِرين، لا يَقدِرُ على رَدِّهِ أحَد.

﴿مِّنَ اللَّهِ ذِي الۡمَعَارِجِ﴾ [المعارج:3]


أرادَ اللهُ كَونَهُ فهوَ كائنٌ لا بُدّ، سُبحانَه، صاحِبُ السَّماوات، أو الدَّرَجات.

﴿تَعۡرُجُ الۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيۡهِ فِي يَوۡمٖ كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَةٖ﴾ [المعارج:4]


تَصعَدُ إليهِ المَلائكة، وجبريلُ - إشارَةً إلى فَضلِهِ مِنْ بينِهمْ عليهِ السَّلام - في يَومٍ كانَ زمَنُهُ خَمسينَ ألفَ سنَةٍ ممَّا تَعُدُّون. وقيل: المقصودُ بالعُروج: الصُّعودُ إلى عَرشِهِ سُبحانَهُ وتَعالَى. ومُعظَمُ السَّلَفِ يَعُدُّونَ ذلكَ مِنَ المُتشابِه... فاللهُ أعلَم.

﴿فَاصۡبِرۡ صَبۡرٗا جَمِيلًا﴾ [المعارج:5]


فاصبِرْ أيُّها الرسُولُ على تَكذيبِ قَومِكَ لك، واطمَئنَّ ولا تَضجَرْ ولا تَقلَق، وارْضَ بقدَرِ الله، وثِقْ بالعاقِبَةِ الحسنَة.

﴿إِنَّهُمۡ يَرَوۡنَهُۥ بَعِيدٗا﴾ [المعارج:6]


إنَّهمْ يَرَونَ العَذابَ الذي يَحِلُّ بهمْ بَعيدَ الوقوع.

﴿وَنَرَىٰهُ قَرِيبٗا﴾ [المعارج:7]


ونحنُ نَراهُ واقِعًا قَريبًا. وما هوَ آتٍ قَريب.

﴿يَوۡمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالۡمُهۡلِ﴾ [المعارج:8]


يَومَ تَكونُ السَّماءُ واهيَة، ويَكونُ لَونُها كعَكَرِ الزَّيت.

﴿وَتَكُونُ الۡجِبَالُ كَالۡعِهۡنِ﴾ [المعارج:9]


وتَكونُ الجِبالُ ضَعيفَةً مُتناثِرَةً كالصُّوفِ المَتفَرِّقِ بَعضُهُ عنْ بَعض.

﴿وَلَا يَسۡـَٔلُ حَمِيمٌ حَمِيمٗا﴾ [المعارج:10]


وكُلٌّ مَشغولٌ بنَفسِهِ عنْ غَيرِه، فلا يَسألُ قَريبٌ قَريبَهُ عمَّا هوَ فيه، وإنْ كانَ في شِدَّة.

﴿يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ الۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ﴾ [المعارج:11]


وهمْ يرَونَهم، لا يَخفَونَ عَليهم. يَتمَنَّى الكافِرُ يَومَئذٍ لو يَفتَدي نَفسَهُ مِنَ العَذابِ الذي ابتُليَ بهِ بأولادِهِ، وهمْ مُهجَةُ قَلبِه،

﴿وَصَٰحِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ﴾ [المعارج:12]


وزَوجتِهِ التي كانَ يَحميها ويُدافِعُ عنها، وأخيهِ الذي مِنْ أُمِّهِ وأبيه،

﴿وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُـٔۡوِيهِ﴾ [المعارج:13]


وعَشيرَتِهِ التي كانتْ تَضُمُّهُ ويَلوذُ بها، وقدِ انفصَلتْ عَنه، وصارَ كُلٌّ لنَفسِه،

﴿وَمَن فِي الۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ يُنجِيهِ﴾ [المعارج:14]


وجَميعِ مَنْ في الأرضِ مِنَ الخلائق، يوَدُّ لو يَفتَدي بهمْ جَميعًا ليتخلَّصَ مِنَ العَذاب.

﴿كَلَّآۖ إِنَّهَا لَظَىٰ﴾ [المعارج:15]


كلاَّ، لا يُنجيهِ مِنْ عَذابِ اللهِ شَيء، إنَّها جهنَّمُ التي تَتلهَّبُ نارُها وتتَّقِد،

﴿نَزَّاعَةٗ لِّلشَّوَىٰ﴾ [المعارج:16]


ولشِدَّةِ حَرِّها تَنزِعُ الجِلدَ واللَّحم،

﴿تَدۡعُواْ مَنۡ أَدۡبَرَ وَتَوَلَّىٰ﴾ [المعارج:17]


تُنادي النَّارُ أبناءَها مِنَ المشرِكينَ والمُنافِقين، الذينَ أدبَروا في الدُّنيا عنِ الإيمَان، وأعرضُوا عنْ طاعَةِ ربِّهم،