﴿وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِنَا فَقُلۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡۖ كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ الرَّحۡمَةَ أَنَّهُۥ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوٓءَۢا بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُۥ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [الأنعام :54]
وإذا أتاكَ المؤمِنونَ الصَّالحون، فبشِّرْهُمْ بالسَّلامِ والأمانِ مِنْ عندِ الله، وقدْ أوجبَ اللهُ سُبحانَهُ على نفسهِ المقَدَّسة، تَفضُّلاً منهُ وإحساناً، أنَّ منِ اقترفَ منكمْ ذَنْباً وهوَ جاهِل(34) ، ثمَّ استَغفرَ منهُ وتابَ إلى الله، وأقلعَ عنهُ وعَزمَ عَلى عَدمِ العَودةِ إليه، فإنَّ اللهَ يَغفِرُ له، ويَرحَمُهُ برَحمتهِ الواسِعَة.
(34) قالَ مجاهد: لا يعلمُ حلالاً من حرام، فمن جهالتهِ ركبَ الذنب. وقيل: جاهلٌ بما يورثهُ ذلك الذنب، وقيل: جهالتهُ من حيثُ إنه آثرَ المعصيةَ على الطاعة، والعاجلَ القليلَ على الآجلِ الكثير. (البغوي).
﴿وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الۡأٓيَٰتِ وَلِتَسۡتَبِينَ سَبِيلُ الۡمُجۡرِمِينَ﴾ [الأنعام :55]
وهكذا نوضِّح الأدلَّةَ لبيانِ صِفَةِ أهلِ الطَّاعةِ وأهلِ الإجرام، وليَظهرَ لكَ أيُّها النبيُّ أسلوبُ تعامُلِ الآخَرِينَ معَ الرسُل، فتعامِلَهمْ بما هوَ مُناسِب.
﴿قُلۡ إِنِّي نُهِيتُ أَنۡ أَعۡبُدَ الَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ اللَّهِۚ قُل لَّآ أَتَّبِعُ أَهۡوَآءَكُمۡ قَدۡ ضَلَلۡتُ إِذٗا وَمَآ أَنَا۠ مِنَ الۡمُهۡتَدِينَ﴾ [الأنعام :56]
قلْ لهؤلاءِ المُصِرِّينَ على الشِّرك، قَطعاً لأطماعِهمُ الفاسِدة: إنَّني مُنِعْتُ وصُرِفْتُ عنْ عبادةِ الآلهةِ المزعُومة، التي لا تَسمعُ ولا تَتكلَّم، ولا تَضرُّ ولا تَنفَع. وقلْ لهم: لا أتَّبع أهواءَكمُ الزائغَة، وأفكارَكمُ الباطِلة، فإذا فَعلتُ ذلكَ كنتُ ضالاًّ، تارَكاً سَبيلَ الحقّ.
﴿قُلۡ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبۡتُم بِهِۦۚ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦٓۚ إِنِ الۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ يَقُصُّ الۡحَقَّۖ وَهُوَ خَيۡرُ الۡفَٰصِلِينَ﴾ [الأنعام :57]
قلْ للمُشرِكينَ أيضاً: إنَّني على حُجَّةٍ واضحةٍ وبَصيرةٍ نيِّرةٍ مِنْ دِينِ اللهِ الموحَى بهِ إليّ، وأنتُمْ قدْ كذَّبتُمْ بذلكَ وأشرَكتُم، وليسَ عندي الآنَ العَذابُ الذي تَستَعجِلونَ بهِ ليَحِلَّ بكمْ - وكانَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُخَوِّفُهمْ بأنَّ اللهَ مُعاقِبُهمْ إذا كذَّبوا وخالَفوا - وما الحُكمُ والقَضاءُ في هذا وغَيرِه، وتقديمهِ وتأخيرِه، إلا للهِ وحدَه، فإنْ شَاءَ عاجلَكمْ به، وإنْ شَاءَ أخَّر، ولهُ حِكمةٌ بأيِّهما قضَى، فلهُ القَضاءُ الحقّ، وهوَ خيرُ الحاكِمين.
﴿قُل لَّوۡ أَنَّ عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦ لَقُضِيَ الۡأَمۡرُ بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡۗ وَاللَّهُ أَعۡلَمُ بِالظَّـٰلِمِينَ﴾ [الأنعام :58]
قُلْ لهم: لو كانَ العَذابُ الذي تَستَعجِلونَهُ بيدي، لانتهَى الأمرُ منذُ زَمن، ولحلَّ بكمُ الهَلاكُ والدَّمار، وما كنتُ مُمهِلَكمْ وأنا أراكُمْ تُكَذِّبونَني وتَستهزِؤونَ بي وبما أُرْسِلْتُ به. واللهُ أعلمُ بالمشرِكينَ وحالِهم، وما يَستَحِقُّونَهُ مِنْ إمهالٍ أو تَعجيلٍ بالعَذاب، ولذلكَ لم يَجعلْ أمرَهمْ بيدي.
﴿۞وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ الۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي الۡبَرِّ وَالۡبَحۡرِۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٖ فِي ظُلُمَٰتِ الۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٖ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ﴾ [الأنعام :59]
وعندَ اللهِ وحدَهُ خَزائنُ الغَيب، فلا يَعلمُها إلاّ هو، ومنها: العذابُ الذي تَستَعجِلونه، فلا أدري هلْ يكونُ أمْ لا، وإنْ كانَ فمتَى هو؟ واللهُ سُبحانَهُ يَعلمُ كلَّ ما يَجري على الأرض، مِنْ بَرٍّ وبَحر، ويَعلَمُ عددَ ما يَسقطُ مِنْ ورقِ الشجرِ وما يَبقَى عليه، وليسَ هناكَ مِنْ أمرٍ إلاّ ويَعلمُ حركتَهُ وأحوالَه، مهما دَقَّ وأينَما كان، فلا توجَدُ حَبَّةٌ في باطنِ الأرض، مهما كانَ بَعيداً ومُظلِماً، ولا جَمادٌ أو نَباتٌ أو حَيوان، أو أيُّ شَيء، إلاّ وهوَ في علمِ اللهِ ومُدَوَّنٌ في اللَّوحِ المحفُوظ.
﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّىٰكُم بِالَّيۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا جَرَحۡتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبۡعَثُكُمۡ فِيهِ لِيُقۡضَىٰٓ أَجَلٞ مُّسَمّٗىۖ ثُمَّ إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام :60]
وهوَ اللهُ الذي يَقبِضُ أرواحَكمْ إذا نِمتُمْ باللَّيل، ويَعلَمُ ما كسَبتمْ منَ الأعمالِ بالنَّهار، ثمَّ يوقِظُكمْ فيهِ بعدَ نومِكمْ باللَّيل، لتَقضُوا في الحياةِ أجلَكمُ المكتوبَ لكمْ باستِيفاءِ أعمارِكمْ بالكامِل، ثمَّ تموتونَ وتَقومونَ إلى اللهِ للحِساب، فيُخبِرُكمْ بأعمالِكمْ في تلكَ اللَّيالي والأيام، ويُجازيكمْ عليها، إنْ خَيراً أو شَرّاً.
﴿وَهُوَ الۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۖ وَيُرۡسِلُ عَلَيۡكُمۡ حَفَظَةً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ الۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام :61]
وهوَ القَاهرُ المُتَعَال، الذي خضعَ كلُّ شَيءٍ لعظَمتِه، لا يُعجِزهُ شَيءٌ ممّا يُريد، ولا يَحُولُ بينَهُ وبينَ ما يُريدُهُ بعِبادهِ قوَّةٌ أو عائق. ويُرسِلُ عليكمْ مَلائكةً يُحصُونَ أعمالَكمْ مِنْ خَيرٍ وشَرّ، حتَّى إذا انتَهتْ أيّامُ أحدِكمْ وحانَ أجلُ موتِه، قَبضَتْ روحَهُ ملائكةٌ مِنْ أعوانِ مَلَكِ الموت، الموكَّلِ بقَبضِ الأروَاح، وهمْ لا يُقَصِّرون، فيُنـزِلونَ روحَهُ حيثُ تَستحقّ، في عِلِّيينَ أو في سِجِّين.
﴿ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى اللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ الۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ الۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ الۡحَٰسِبِينَ﴾ [الأنعام :62]
ثمَّ رُدَّ العِبادُ بعدَ البَعثِ والحَشرِ إلى موضعِ العَرْضِ والسُّؤال، ليَحكُمَ فيهمْ ويُجازيَهمْ على أعمالِهمْ بالعَدلِ وليُّ أمرهمْ ومالكُهمْ ومالكُ يومِ الدينِ كلِّه، ولهُ القَضاءُ يومَئذٍ دونَ خَلْقِهِ كلِّهم، وهوَ - جلَّ جَلالهُ - إذا حاسبَ فحِسابهُ سَريع، يُحاسِبُ الناسَ كلَّهمْ بنَفسهِ دونَ الاستِعانةِ بأحَد، في أسرعِ زمانٍ وأقصَرِه، على كثرَتِهمْ وكثرَةِ أعمالِهم.
﴿قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ الۡبَرِّ وَالۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـٰكِرِينَ﴾ [الأنعام :63]
قُلْ: مَنْ يُخلِّصُكمْ منَ الشَّدائدِ والأهوالِ التي تُصيبُكمْ إذا كنتُمْ مُسافِرينَ في البَحرِ فأحاطَتْ بكمُ الأمواجُ مِنْ كلِّ مكان، وقَذفَتْكُمُ الرياحُ العاتيَةُ في وسَطِ البَحر، أو في صَحارَى ومَهامهِ البَرّ، أو الجبالِ العَاليةِ والأوديةِ العَميقة، أو وقَعتْ أحداثٌ طبيعيَّةٌ بقَضاءِ اللهِ وقَدَره، فاهتزَّتِ الأرضُ وانفَجرتِ البراكينُ وهاجَتِ الأعاصير، أو لازمَتْكُمُ الأمراضُ ولا عِلاج، فتلجَؤونَ إليهِ وتَستَغيثونَ بهِ سرّاً وإعلاناً، قَلباً ولِساناً، مُخلِصينَ له الدِّين، لا تَدعونَ غيرَه، وتَقولون: لئنْ أنجانا اللهُ مِنْ هذا الكَرْبِ والضائقةِ لقدَّرنا نِعَمَهُ الجَليلة، وقُمنا بحقِّها كما يَنبَغي، حامِدينَ شاكِرين.
﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام :64]
فقُلْ لهمْ: إنَّ اللهَ يُنَجِّيكمْ منْ هذهِ الكرُباتِ وغَيرِها، لكنْ بعدَ أنْ يبلِّغَكـمْ بَرَّ الأمانِ ويُعافيَكمْ ممّا أصابَكم، تَعودونَ فتُشرِكونَ في عبادتِه، ولا توفُونَ بالعَهد.
﴿قُلۡ هُوَ الۡقَادِرُ عَلَىٰٓ أَن يَبۡعَثَ عَلَيۡكُمۡ عَذَابٗا مِّن فَوۡقِكُمۡ أَوۡ مِن تَحۡتِ أَرۡجُلِكُمۡ أَوۡ يَلۡبِسَكُمۡ شِيَعٗا وَيُذِيقَ بَعۡضَكُم بَأۡسَ بَعۡضٍۗ انظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ الۡأٓيَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَفۡقَهُونَ﴾ [الأنعام :65]
قُلْ لهمْ: إنَّ اللهَ قادرٌ على ابتلائكمْ وإلقائكمْ في المهالِك، وعلى التَّنكيلِ بكمْ بعدَ عودتِكمْ إلى الشِّرك - وقدْ نجّاكمْ ممّا أصابَكمْ مِنْ كَرْبٍ وشِدَّة - بعَذابٍ مِنْ فَوقِكم، كالصَّيحةِ والحِجارةِ والرِّيحِ والطُّوفان، أو مِنْ تحتِكم، كالرَّجْفةِ والخَسف، أو بأنواعٍ أخرَى منَ العُقوبات... أو يَخلِطَ عليكمْ أمرَكمْ ويَبُثَّ فيكمُ الأهواءَ المختَلِفة، ويُسَلِّطَ بَعضَكمْ على بَعضٍ بالعَذابِ والقَتل.
انظرْ كيفَ نَعِظُهمْ ونُنذِرُهمْ، ونبيِّنُ لهمُ الأمورَ ونُكرِّرُها، وننوِّعُها بأساليبَ مختَلِفة، ليَفهَموا ويَتدبَّروا، ويُدرِكوا ما همْ عليهِ وما هوَ مَطلوبٌ منهم.
﴿وَكَذَّبَ بِهِۦ قَوۡمُكَ وَهُوَ الۡحَقُّۚ قُل لَّسۡتُ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ﴾ [الأنعام :66]
وكذَّبَ المشرِكونَ مِنْ قومِكَ بالقُرآنِ وهوَ الكتابُ الصَّادقُ الذي لا ريبَ فيه، قلْ لهم: لستُ رقيباً عليكمْ ولا مُسَلَّطاً على قلوبِكمْ لألزِمَكـمْ بالإسْلام، إنَّما أنا رَسُولٌ مُبَلِّغ، فمَنْ شاءَ آمن، ومَنْ شاءَ كَفر، وعاقِبَةُ كلِّ ذلكَ على صَاحبِه.
﴿لِّكُلِّ نَبَإٖ مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنعام :67]
لكلِّ خَبَرٍ حَقيقةٌ ومُنتَهًى يَنتهي إليهِ ولو بعدَ حين، ومنهُ عذابُكم، فيَتبيَّنُ الحقُّ منَ الباطِل، والصِّدقُ منَ الكذِب، إنْ عاجِلاً في الدُّنيا، أو آجِلاً في الآخِرَة، وسوفَ تَعلمونَ ذلكَ في الحالَين.
﴿وَإِذَا رَأَيۡتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيۡطَٰنُ فَلَا تَقۡعُدۡ بَعۡدَ الذِّكۡرَىٰ مَعَ الۡقَوۡمِ الظَّـٰلِمِينَ﴾ [الأنعام :68]
وإذا رأيتَ المشرِكينَ يَتكلَّمونَ على القُرآنِ بالتَّكذيبِ والاستِهزاءِ والطَّعن، فاتركهُمْ ولا تُجالِسْهُمْ حتَّى يأخذوا في كلامٍ آخَر، فإذا أنساكَ الشَّيطانُ ذلكَ ثمَّ تذكَّرت، فلا تَقعُدْ بعدَها معَ القَومِ الذينَ تَجاوزوا الحقَّ بالتَّكذيبِ والمخاصَمَةِ والعِناد.
وذكرَ بعضُهمْ أنَّها مَنسوخةٌ بآيةِ السيف.
﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَلَٰكِن ذِكۡرَىٰ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام :69]
وليسَ على المؤمِنينَ الذينَ يَبتَعدونَ عنْ حَديثِهمْ ولا يُشارِكونَ في مَجالسِهمْ حَرَجٌ ولا إثمٌ إذا خاضَ المشرِكونَ في ذلك، ممّا يُحاسَبونَ همْ عليه، ولكنَّهمْ يُذَكَّرونَ لعلَّهمْ يَنتَهونَ عنْ ذلك؛ حياءً، أو كراهةَ مَساءَتهم.
﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمۡ لَعِبٗا وَلَهۡوٗا وَغَرَّتۡهُمُ الۡحَيَوٰةُ الدُّنۡيَاۚ وَذَكِّرۡ بِهِۦٓ أَن تُبۡسَلَ نَفۡسُۢ بِمَا كَسَبَتۡ لَيۡسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ وَإِن تَعۡدِلۡ كُلَّ عَدۡلٖ لَّا يُؤۡخَذۡ مِنۡهَآۗ أُوْلَـٰٓئِكَ الَّذِينَ أُبۡسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْۖ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ﴾ [الأنعام :70]
ودَعِ الكافِرينَ الذينَ فُرِضَ عليهمْ أنْ يَدِينوا بالإسْلامِ فسَخِروا منه وعَبَثوا بهِ ولم يُبالوا، وخُدِعوا بما في الدُّنيا مِنْ لَذَّةٍ ومَتاعٍ ووَلد، حتَّى أنكَروا البَعث، فذكِّرْ بهذا القُرآن، وحذِّرِ الناسَ مِنْ نِقمةِ اللهِ وعَذابِه، حتَّى لا تُحْبَسَ نَفسٌ وتؤاخَذَ بسبَبِ عملِها السُّوء، وليسَ لها يومَ القيامَةِ ناصرٌ يلي أمرَها أو قريبٌ يَشفَعُ لها، فالأمرُ يَومئذٍ للهِ وحدَه.
ولو بَذلَتْ هذهِ النفسُ كلَّ ما تَقدِرُ عليهِ مِنْ بَذل، وفَدَتْ كلَّ فِداء، لمـَا أُخِذَ منها، ولمـَا نُظِرَ فيه، أولئكَ الذينَ اتَّخذوا دينَهمْ لهواً ولَعِباً قدْ حُوسِبوا على أعمالِهمُ السيِّئة، وحُرِموا الثَّواب، وسُلِّموا للعَذاب، فلهمْ شَرابٌ مِنْ مَاءٍ حارٍّ جدّاً يُقطِّعُ أمعاءَهم، ونارٌ عَظيمةٌ تُحرِقُ أجسادَهمْ وتأتي على أفئدتِهم، جزاءَ كُفرِهمْ وعنادِهمْ وتكذيبِهمُ الرسُل.
﴿قُلۡ أَنَدۡعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعۡقَابِنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰنَا اللَّهُ كَالَّذِي اسۡتَهۡوَتۡهُ الشَّيَٰطِينُ فِي الۡأَرۡضِ حَيۡرَانَ لَهُۥٓ أَصۡحَٰبٞ يَدۡعُونَهُۥٓ إِلَى الۡهُدَى ائۡتِنَاۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الۡهُدَىٰۖ وَأُمِرۡنَا لِنُسۡلِمَ لِرَبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنعام :71]
قلْ للمُشرِكين: أنَتركُ عبادةَ اللهِ وحدَهُ ونعبدُ أصناماً جامدةً لا تَفقَهُ ولا تَعي، ولا تَنفعُ ولا تَضُرّ، ونَرجِعُ بذلكَ إلى درَكاتِ الكُفرِ والضَّلالِ بعدَ أنْ هَدانا اللهُ بالإسلام، وأنارَ لنا سَبيلَ الإيمان، وبصَّرَنا بالحقّ، فنَكونَ كمنْ كانَ معَ جماعَة، فابتَعدَ عنهم، وسلكَ طريقاً آخَر، ومضَى هَائماً على وجهِه، قدْ ذهَبتْ بهِ مَرَدَةُ الجنِّ في المَهامهِ والقِفار، ورُفَقاؤهُ يُنادونَهُ ليعودَ إلى الطَّريقِ الصَّحيح، فيأبَى، ويختارُ الضَّلال.
قلْ لهؤلاءِ الكفّار: إنَّ هدايةَ اللهِ التي أكرمَنا بها، وهيَ الإسلام، هيَ الطَّريقُ المستَقيم، ودينُ اللهِ القويم، وقدْ أُمِرْنا بالإخلاصِ في العِبادةِ لهُ وحدَهُ لا شَريكَ له.
﴿وَأَنۡ أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ وَاتَّقُوهُۚ وَهُوَ الَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ [الأنعام :72]
وأُمِروا بأنْ يواظِبوا على الصَّلاة، ويَتَّقوا اللهَ في جَميعِ الأحوال، ويَبتَعدوا عنْ مُخالفتِه، فهوَ الذي تُحشَرونَ إليهِ يومَ القيامة، فيُحاسِبُكمْ على أعمالِكمْ ويُجازيكمْ عليها.
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضَ بِالۡحَقِّۖ وَيَوۡمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُۚ قَوۡلُهُ الۡحَقُّۚ وَلَهُ الۡمُلۡكُ يَوۡمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِۚ عَٰلِمُ الۡغَيۡبِ وَالشَّهَٰدَةِۚ وَهُوَ الۡحَكِيمُ الۡخَبِيرُ﴾ [الأنعام :73]
وهوَ الذي خلقَ السَّماءَ والأرضَ وأبدعَ صُنعَهما على غيرِ مثالٍ سَبق، بالحقِّ والعَدل، لا عنْ عَبَثٍ وبُطلان، ويوجِدُ يومَ القيامَةِ وما فيهـا مِنْ أشياءَ بقولهِ كنْ فيَكون، كبَعثِ الأمواتِ للحِساب، فقولهُ الحقّ، صِدقاً وواقِعاً، ووَعدُهُ كائنٌ لا مَحالة، ولهُ الملكُ يومَ يُنفَخُ في الصُّورُ ليقومَ الناسُ ويَجتَمعوا في المَحشَر، ولا يَدَّعي مُلْكَ ذلكَ اليومِ لنفسهِ غَيرُه، وهوَ العالِمُ بكلِّ ما غابَ وحَضر، وبَعُدَ وقَرُب، حَكيمٌ في كلِّ ما يَفعل، خَبيرٌ بما دَقَّ وجَلَّ.
﴿۞وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّيٓ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾ [الأنعام :74]
واذكرْ قولَ نبيِّ اللهِ إبراهيمَ لأبيهِ آزَرَ على عبادتهِ الأصنام: أتجعَلُ هذهِ الأصنامَ آلِهةً لكَ تعبدُها مِنْ دونِ الله؟ أرى أنَّكَ وقومَكَ الذينَ اتَّبَعوكَ في ضَلالٍ بيِّنٍ وبُعدٍ عنِ الحقّ، وحَيْرةٍ وجَهل.
﴿وَكَذَٰلِكَ نُرِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الۡمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام :75]
وكذلكَ نُمَكِّنُ إبراهيمَ منَ النظَرِ في مالِكيَّةِ اللهِ للسَّماواتِ والأرض، ليَستَدِلَّ بذلكَ على قُدرتهِ وعَظمتهِ ووحدانيَّتهِ في خَلْقهِ ومُلكِه، وليَكونَ منَ الراسِخينَ في العِلمِ والإيمان، مُشاهَدةً ويَقيناً.
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ الَّيۡلُ رَءَا كَوۡكَبٗاۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَآ أُحِبُّ الۡأٓفِلِينَ﴾ [الأنعام :76]
وكانَ إبراهيمُ مُناظِراً لقَومِه، فأرادَ أنْ يُعَرِّفَهمْ كذلكَ خطَأهمْ وجَهلَهمْ وبُطلانَ ما همْ عليهِ مِنْ عِبادةِ الكواكبِ والنُّجوم، بعدَ بيانِ بُطلانِ إلهيَّةِ الأصنام. وفي المساء، عندما بدأ ظلامُ الليلِ يَنتَشر، رأى كوكباً مُضيئاً يَطْلُع، فقالَ لقومِه: هذا ربِّي، في زَعمِكمُ الباطِل. فلمّا غابَ قال: لا أحِبُّ الأربابَ المتغيِّرينَ مِنْ حالٍ إلى حال، والربُّ دائمٌ لا يَغرُبُ ولا يَزول.
﴿فَلَمَّا رَءَا الۡقَمَرَ بَازِغٗا قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمۡ يَهۡدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الۡقَوۡمِ الضَّآلِّينَ﴾ [الأنعام :77]
فلمّا رأَى القمرَ طالِعاً قدْ شَقَّ الظُّلمةَ وانتَشرَ ضَوؤه، قال: هذا ربِّي، في زَعمِكم. فلمّا غابَ مثلَ غيابِ الكَوكب، قال: إذا لم يَدُلَّني ربِّي على الحــقّ، فسأبقَى تَائهاً ضَائعاً، مثلَ القَومِ الضالِّينَ الذينَ يَعبدونَ ما لا تَعقِل.
﴿فَلَمَّا رَءَا الشَّمۡسَ بَازِغَةٗ قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَآ أَكۡبَرُۖ فَلَمَّآ أَفَلَتۡ قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ﴾ [الأنعام :78]
فلمّا رأى الشمسَ طالِعةً قدْ بَدَّدتْ ظُلمةَ الليلِ مِنْ إشراقِها، قال: هذا ربِّي، في زعمِكم، فهوَ أكبرُ مِنَ الكَوكبِ ومنَ القَمر. فلمّا غابَتْ هي الأخرَى قال: يا قوم، إنَّ هذهِ الكَواكبَ والنُّجومَ ليستْ بأرْباب، فهيَ تَطلُعُ وتَغيبُ ثمَّ تَعودُ إلى ما كانتْ عليه، فهيَ كغَيرِها منَ الأجرامِ مُسَخَّرةٌ مُقَدَّرة، لا تَملِكُ لنفسِها تَصرُّفاً، وأنا بَريءٌ مِنْ عِبادتِها، ومنْ إشراكِكمْ إيّاها في عِبادةِ الله.
﴿إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَٰوَٰتِ وَالۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ الۡمُشۡرِكِينَ﴾ [الأنعام :79]
إنِّي قدْ توجَّهتُ بعِبادتي وأخلصتُ ديني لمنْ خلقَ السَّماواتِ والأرض، وما فيهنَّ مِنْ أجرامٍ وأحياءٍ ونَباتٍ وجَمادٍ وبِحار، مائلاً عنْ كلِّ باطِلٍ وشِركٍ في الأديانِ والعَقائدِ الفاسِدة، إلى الحقِّ والتوحيدِ الخالِص، ولستُ منَ المشرِكينَ في شَيءٍ منَ الأقْوالِ والأفْعال.
﴿وَحَآجَّهُۥ قَوۡمُهُۥۚ قَالَ أَتُحَـٰٓجُّوٓنِّي فِي اللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ وَلَآ أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيۡـٔٗاۚ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام :80]
وجادلَهُ قومهُ في أمرِ التوحيدِ وخاصَموهُ في عبادةِ اللهِ دونَ الأصنام، فقالَ لهم: أتجادِلُونَني في أمرِ اللهِ وقدْ بصَّرني بالحقِّ وهَداني إلى التوحيد، ولا أخافُ منْ هذهِ الأصنامِ التي تَعبدونها وتَظنُّونَ أنَّها تَضُرُّ مَنْ يَستَهزِئُ بها، فهي أحجارٌ صمّاءُ صنَعتُموها بأيديكم، فإذا أصابَني شَيءٌ فمِنْ جهةِ اللهِ وبتَقديرهِ ولا علاقةَ لأصنامِكمْ بها، قدْ أحاطَ ربِّي عِلمًا بكلِّ المخلوقات، فلا يَخفَى عليهِ شَيءٌ منها ومِنْ أحوالِها، أفلا تَفقَهونَ وتَعتبِرونَ ممّا قلتُهُ لكم، فتَتركوا عبادةَ الآلهةِ الباطِلة، وتَتوجَّهوا إلى اللهِ الواحِدِ الأحَدِ في عبادتِكمْ ودُعائكم، وخوفِكمْ ورجائكم، وفي السرّاء والضرّاء؟!
﴿وَكَيۡفَ أَخَافُ مَآ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِاللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗاۚ فَأَيُّ الۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِالۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنعام :81]
وكيفَ أخافُ مِنْ أصنامِكمُ المصنُوعةِ مِنْ حِجارة، وهيَ لا تَسمعُ ولا تَتكلَّم، ولا تَدري بأمرِ عِبادتِكمْ لها، وأنتُمْ لا تَخافونَ مِنْ إشراكِكُمْ باللهِ العَظيمِ وعبادتِكمْ مِنْ دونه، وهوَ خالقُ السَّماواتِ والأرضِ وما فيهما مِنْ أشياء، على كثرتِها وتنوُّعِها، وعبادتُكمْ لها لا أساسَ لها مِنَ الصحَّة، فلمْ يُنـزلِ اللهُ بذلكَ حُجَّةً ولا دَليلاً، وأمرُ العبادةِ مَتروكٌ للهِ وحدَه، لا يَشْرَعُ الإنسانُ شَيئاً منها.
فأيُّ الجانبَينِ على الحقِّ والصَّواب: الذي يَعبدُ ما لا يَضرُّ ولا يَنفَع، أمِ الذي يَعبدُ مَنْ بيدهِ الضرُّ والنَّفع؟ وأيُّهما أحقُّ بالأمنِ منْ عَذابِ الله، أخبِروني بذلكَ إنْ كنتُمْ منْ أهلِ العِلم.
﴿الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمُ الۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ [الأنعام :82]
إنَّ الذينَ آمَنوا حقَّ الإيمان، ولم يَخلِطوا إيمانَهمْ بشائبةٍ مِنْ شِرك، فهمُ الآمِنونَ مِنْ عَذابِ اللهِ يومَ القيامَة، وهمُ المهتَدونَ إلى العَقيدةِ الصَّحيحَة، ومَنْ عَداهُمْ في ضَلال، كمنِ ادَّعى الإيمانَ وهوَ يتَّخِذُ الطَّواغيتَ شُفَعاءَ إلى الله، ويَعتبِرُ ذلكَ مِنْ تَتِمّات الإيمانِ بالله!
﴿وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنعام :83]
وما احتجَّ بهِ إبراهيمُ على قومِهِ مِنْ فَسادِ عَقيدتِهمْ وصحَّةِ ألوهيَّةِ اللهِ وربوبيَّته، هوَ ما حكمَ اللهُ عليهِ بالصِّدقِ والرُّشد، نَرفَعُ شَأنَ مَنْ نُريدُ فنَهَبُهُ العِلمَ والحِكمةَ والتَّوفيق، واللهُ حَكيمٌ فيما يَفعلُ ويُقَدِّر، عليمٌ بمنْ يَستَحِقُّ الهِدايةَ والضَّلال، وبمنْ يَرفعُ درجتَهُ أو يَحُطُّها.
﴿وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَيۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي الۡمُحۡسِنِينَ﴾ [الأنعام :84]
ووَهبنا لإبراهيمَ بعدَ أنْ كَبِرَ في السنِّ وأيسَتْ زوجتُهُ سارة: إسحاقَ، وابنَهُ يَعقوب، لتقَرَّ عينهُ باستِمرارِ العَقِب، كِلاهما صالِحٌ مُهتَدٍ ونَبيّ. وقبلَ إبراهيمَ نوح، هَديناهُ وجعَلناهُ نبيّاً كذلك، ووَهبنا لهُ ذُرِّيةً صالِحة، فالنَّاسُ كلُّهمْ مِنْ ذُرِّيتِه، والأنبياءُ كلُّهم مِنْ ذُرِّيةِ إبراهيم، منهمْ داود، وسُلَيمان، وأيُّوب، ويوسُف، وموسى، وهارون، وكذلكَ نَجزيهمْ خيراً كما جَزينا جَدَّهمْ إبراهيم، ونرفَعُ درَجاتِهم.