وقالَ أهلُ النَّار: ما لَنا لا نرَى معَنا ناسًا كنَّا نَعتَبِرُهمْ في الدُّنيا مِنَ المُستَرذَلينَ والأشرارِ الذينَ لا خَيرَ فيهم. يَعنونَ المؤمِنين، أو فُقَراءَهم.
قُلْ للمُشرِكينَ أيُّها الرَّسُول: إنَّما أنا نَذيرٌ لكمْ مِنْ عَذابِ الله، ولستُ مِنَ السِّحرِ والشِّعرِ والجُنونِ في شَيءٍ كما تَزعُمون، ولا إلهَ في الوجودِ سِوَى اللهِ، الواحدِ الذي لا شَريكَ له، الذي غلَبَ كُلَّ شَيءٍ وقَهَرَه.
خالِقُ السَّماواتِ العَظيمَة، والأرْضِ وما فيها وما عَليها، وما بينَ السَّماواتِ والأرْضِ مِنَ المَوجودَات، وهوَ مالِكُهما ومُدَبِّرُهما وَحدَه، العَزيزُ الذي لا يُغلَبُ في أمرٍ مِنَ الأمُور، الكثيرُ المَغفِرَةِ لذُنوبِ عِبادِهِ المؤمِنين.
فإذا أتمَمْتُ خَلقَه، ونفَختُ فيهِ مِنْ رُوحي(132)، وصارَ بشَرًا حيًّا، فاسجُدوا له، سُجودَ تَحيَّةٍ وتَكريمٍ، لا سُجودَ عِبادَة.
(132) في هامش الآيةِ (29) من سورةِ الحِجر: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي}: وجعلتُ فيه الروحَ حتى جرى آثارهُ في تجاويفِ أعضائه، فحيي، وصارَ حسّاسًا متنفِّسًا. (روح البيان).
قالَ النيسابوري: ولا خلافَ في أن الإضافةَ في {رُوحِي} للتشريفِ والتكريم، مثل: (ناقة الله)، و (بيت الله). قالَ القرطبي: والروحُ جسمٌ لطيف، أجرَى الله العادةَ بأن يخلقَ الحياةَ في البدنِ مع ذلك الجسم. وحقيقتهُ إضافةُ خَلقٍ إلى خالق، فالروحُ خلقٌ من خَلقه، أضافَهُ إلى نفسهِ تشريفاً وتكريماً. (فتح القدير).
وإسنادُ النفخِ وإضافةُ الروحِ إلى ضميرِ اسمِ الجلالةِ تنويهٌ بهذا المخلوق. (التحرير والتنوير).
قالَ اللهُ له: يا إبليس، ما الذي مَنعَكَ أنْ تَسجُدَ لآدمَ الذي خلَقتُهُ بيَدَيّ، أتَكبَّرْتَ عمَّا أمَرتُكَ به، أمْ أنَّكَ مِنَ العالِينَ الذينَ لا يَخضَعونَ لأمر؟