تفسير سورة آل عمران

  1. سور القرآن الكريم
  2. آل عمران
3

﴿وَإِذۡ غَدَوۡتَ مِنۡ أَهۡلِكَ تُبَوِّئُ الۡمُؤۡمِنِينَ مَقَٰعِدَ لِلۡقِتَالِۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران:121]


واذكرْ أيُّها النبيُّ في وَقعةِ أُحُدٍ عندَما خَرَجْتَ مِنْ بيتِكَ وقدْ لَبِسْتَ لباسَ الحَرب، وعَزَمْتَ على الجِهادِ ضدَّ المشرِكينَ بعدَ مُشاورةِ أصحابِك، وأنتَ تُنَظِّمُ صُفوفَ المجاهِدين، وتُعَيِّنُ للرماةِ مكانَهمْ في جبلِ أُحُد، وقدْ جمعَ المشرِكونَ الجموعَ والأحابيشَ (وهمْ أفوَاجٌ مِن قَبائلَ شتَّى) للانتِقامِ ممّا أصابَهمْ في غزوةِ بَدر، واللهُ سميعٌ بكلِّ ما جَرى، عليمٌ بما كانتْ تَقولهُ الألسُنُ وتَهمِسُ بهِ الضَّمائر.

﴿إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ الۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [آل عمران:122]


وقدْ كادتْ جَماعتانِ مِنكمْ أنْ تَضْعُفا وتَفشَلا وتَتْرُكا الجِهاد، بعدَ أنِ انفَصلَ رأسُ النفاقِ عبدُاللهِ بنُ أبي سَلُولٍ بثُلُثِ الجيشِ مِنْ أتباعِه، فكادَ هذا أنْ يُؤثِّرَ فيهما، ولكنَّ اللهَ سلَّم، فأدركتْهُما وَلايتُهُ وتَثبيتُهُ وعِصْمَتُه، ولْيَكنْ توكُّلُ المؤمِنينَ على اللهِ وحدَهُ في جميعِ أمورِهم، فهوَ حسبُهم، ومُعينُهم، وناصرُهم.

﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [آل عمران:123]


واذكروا عندَما نصرَكمُ اللهُ بتأييدهِ في غَزوةِ بدرٍ وكنتُمْ قِلَّةً ضُعَفاء، والعدوُّ ثلاثةُ أضعافِكم، تَذَكَّروا ذلك، واثبُتوا على طاعةِ اللهِ وتَقواه، لتَكونوا مِنَ الشَّاكرين.

﴿إِذۡ تَقُولُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ أَلَن يَكۡفِيَكُمۡ أَن يُمِدَّكُمۡ رَبُّكُم بِثَلَٰثَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ الۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُنزَلِينَ﴾ [آل عمران:124]


وقدْ بشَّرْتَ المؤمِنينَ المجَاهدينَ منْ أصحابِكَ بقولِك: أليسَ كافيكُمْ أنْ يُمِدَّكمْ رَبُّكمْ بعددِ ثلاثةِ آلافٍ منَ الملائكةِ يَنزِلونَ منَ السَّماء؟

﴿بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ الۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران:125]


بلى، إنْ تَصبِروا على لِقاءِ العَدوَّ، وتُطيعوا أمرَ اللهِ ولا تُخالِفُوا نبيَّه، ويأتيكمُ المشركونَ مِنْ ساعَتِهمْ هذه، يُمِدِدْكُمُ اللهُ بخمسةِ آلافٍ منَ الملائكة، مُعْلَمينَ بسِيماءٍ مُعَيَّنة.

﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا النَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ اللَّهِ الۡعَزِيزِ الۡحَكِيمِ﴾ [آل عمران:126]


وما جعلَ اللهُ هذا الإمدادَ بالملائكةِ إلا بُشرَى لكم، لتَطمئنَّ قلوبُكم، وتَطيبَ نُفوسُكم، ويَثبُتَ جأشُكم، أمّا النصرُ فهوَ منْ عندِ اللهِ وحدَه، فهوَ ذو السُّلطانِ القويّ، القادرُ على تَحقيقِ النصر، وهوَ الحكيمُ الذي يُقَدِّرُ الحِكمَةَ منْ وراءِ هذا النَّصر.

﴿لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ﴾ [آل عمران:127]


فجهادُكمْ ضدَّ المشرِكينَ وما يَترتَّبُ عليهِ منْ نصرٍ مِنْ عندِ الله، ليُهْلِكَ بهِ طائفةً منَ القَومِ المشرِكين، ويَكْسِرَ شَوكتَهمْ ويَقْهَرهم، أو يُخزِيَهمْ ويُرَدَّهمْ مَغلوبينَ أذلاّءَ خائبين، لم يَحصُلوا على ما أمَّلوا.

﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ الۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ﴾ [آل عمران:128]


والحكمُ في عبادي ليسَ لكَ أيُّها النبيّ، إلا ما أمرتُكَ بهِ فيهم، فإنَّ الأمرَ كلَّهُ لله، فقدْ يقودُ انكسارُ المشرِكينَ إلى التوبةِ فيُسلمونَ ويؤمِنونَ ويَقبلُ اللهُ منهم، أو يُعَذِّبُهم بهذا النصرِ فيُؤسَروا أو يَموتوا على الكفرِ ويَكونُ مصيرَهم النارُ، وهمْ يَستَحِقُّون ذلك، فقدْ فَتَنوا المسلِمينَ عنْ دينِهم، وأفسَدوا في الأرض...

نَزلتْ هذهِ الآيةُ وقدْ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " كيفَ يُفلِحُ قَومٌ شَجُّوا نَبيَّهم وكسَروا رَباعيَتَهُ وهوَ يَدعوهُمْ إلى الله " في يومِ أُحُد، كما في الصَّحيحَينِ وغَيرِهما.

﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي الۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَاللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [آل عمران:129]


وكلُّ شيءٍ في السَّماءِ والأرضِ مُلكٌ للهِ وحدَه، وهوَ المتَصرِّفُ المطلَقُ في شَأنِ العِباد، يَغفِرُ لمنْ يَشاءُ منهمْ فيُدخلُهمُ الجنَّة، ويُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ منهمْ في النّار، وقَضاؤهُ هذا بالحكمةِ والعَدل، وبالرحمةِ والمغفِرَة.

﴿يَـٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُواْ الرِّبَوٰٓاْ أَضۡعَٰفٗا مُّضَٰعَفَةٗۖ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران:130]


أيُّها المؤمنون، لا يَحِلُّ لكمْ أنْ تأكلوا الرِّبا، الذي يَتضاعفُ كلَّما عَجَزَ المَدينُ عنْ إيفاءِ دَيْنِه، فإذا لم يُعطِ دَينَهُ زادَهُ الدائنُ في الأجَلِ وزادَهُ المَدينُ في القَدْرِ فتَضاعف، فيَصيرُ القليلُ أضعافاً مُضاعَفة.

فاتَّقوا اللهَ وانتَهوا عنْ هذهِ الكبيرةِ لتُفلِحوا وتَفوزوا، في الدُّنيا والآخِرة، فإنَّهُ لا فوزَ لكمْ إلاّ بطاعتِه.

﴿وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِيٓ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ﴾ [آل عمران:131]


وابتَعِدوا عنِ النارِ التي هُيِّئتْ للكافرين؛ نتيجةَ عِصيانهمْ وتعامُلِهمْ بالرِّبا وغيرهِ منَ الكبائرِ والذنوب.

وكانَ أبو حنيفةَ رحمَهُ اللهُ يقول: هيَ أخوفُ آيةٍ في القُرآن، حيثُ أوعدَ اللهُ المؤمِنينَ بالنارِ المُعَدَّةِ للكافرين، إنْ لم يَتَّقوهُ في اجتنابِ مَحارِمِه.

﴿وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [آل عمران:132]


وأطيعوا اللهَ واتَّبِعوا أوامرَ رسولهِ في كلِّ ما أمرَكمْ بهِ ونهاكمْ عنه؛ لكي تُرْحَموا.

﴿۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا السَّمَٰوَٰتُ وَالۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:133]


وتَسابَقوا في فعلِ الخَيرات، وسَارِعوا إلى نَيلِ القُرُبات، لتَنالوا جائزةَ ربِّكم: مغفرةَ ذنوبِكم، وجنَّةً واسِعةً عَرْضُها(24) السَّماواتُ والأرض، هُيِّئتْ لعبادِ اللهِ المؤمنينَ الصَّالحين.

(24) ذكرُ العرضِ للمبالغةِ في وصفها بالسعةِ على طريقةِ التمثيل، فإن العرضَ في العادةِ أدنى من الطول. (روح البيان).

﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالۡكَٰظِمِينَ الۡغَيۡظَ وَالۡعَافِينَ عَنِ النَّاسِۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الۡمُحۡسِنِينَ﴾ [آل عمران:134]


ومِنْ صِفاتِ المُتَّقينَ أهلِ الجنَّة، أنَّهمْ ثابِتونَ على البَذل، يُنفِقُونَ في الشدَّةِ والرخَاء، والمَنْشَطِ والمَكْرَه، لا يَشْغَلُهم أمرٌ عنْ طاعةِ الله، والإنفاقِ فيما يُرضِيه، والإحسانِ إلى المحتاجينَ مِنْ خَلْقه.

وهمْ يَكتُمونَ غَيظَهمْ وغَضَبَهم عنِ الناسِ ولا يؤذونَهم، ثمَّ يَعفُونَ ويَصفَحون، ويَحتَسِبونَ ذلكَ عندَ الله.

والذينَ أنفَقوا، وكَظَموا غَيظَهم، وعفَوا، فهُمْ مُحسِنون، واللهُ يُحِبُّ المُحسِنين، الذينَ يَنشُرونَ الودَّ والسَّماحةَ والبِشْرَ بينَ الناس.

﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوۡ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسۡتَغۡفَرُواْ لِذُنُوبِهِمۡ وَمَن يَغۡفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمۡ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [آل عمران:135]


ومِنْ صفاتِ المُتَّقينَ أيضًا، أنَّهمْ إذا أذنَبوا ذَنباً، كبيراً كانَ أو صَغيراً، لم يُصِرُّوا على ما فَعلوا، ولم يَفتَخِروا بالمَعصِية، بلْ تذكَّروا اللهَ وما أعَدَّ للعاصِينَ منْ عِقاب، وما وعدَ بهِ التائبينَ المُستغفِرينَ منَ العَفوِ والمَغفِرة، فاستغفَروا لذنوبِهم، وتابُوا إلى رَبِّهمْ وأنابوا إليه، وهمْ يَعلَمونَ أنهُ لا يَغفِرُ ذنوبَهمْ إلا هو، ولا يَرحمُهمْ إلاّ هو، وأنَّ مَنْ تابَ تابَ اللهُ عليه، مادامَ مُعترِفاً بذَنبِه، نادماً غيرَ مُصِرٍّ عَليه، عازِماً على تَركِه.

﴿أُوْلَـٰٓئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَجَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا الۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَنِعۡمَ أَجۡرُ الۡعَٰمِلِينَ﴾ [آل عمران:136]


أولئكَ همُ المُتَّقون، وجَزاؤهمْ على هذهِ الصِّفاتِ الطيِّبةِ أنْ يَغفِرَ اللهُ لهم، ويُدْخِلَهمْ جَنّاتٍ تَجري خلالَ أشجارِها وفي أسافلِها الأنهار، ماكثينَ فيها أبداً، ونِعْمَتِ الجنَّةُ جزاءَ أعمالِهمُ الحسَنة.

﴿قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي الۡأَرۡضِ فَانظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ الۡمُكَذِّبِينَ﴾ [آل عمران:137]


وما أُصِبْتُمْ بهِ في غزوةِ أُحُدٍ قدْ جَرَى مثلُهُ لأُممٍ مِنْ قبلِكمْ منْ أتباعِ الأنبياءِ وغيرِهم، فانظُروا في آثارِ الهالِكين، وفي السِّيَرِ والتواريخِ والوقائع، واعتَبِروا، فعَليكمْ بالإيمانِ والصَّبر، فإنَّ العاقبةَ لكمْ أهلَ الإيمانِ والحقّ، والدائرةَ على المكذِّبينَ بآياتِ اللهِ ورسُلهِ أهلِ الكفرِ والضَّلال، إنَّما هي سُنَّةُ اللهِ أنْ تُصيبُوا وتُصابُوا، وكانَ ما حدثَ ابتلاءً وتَمحيصاً لتَعتَبِروا.

﴿هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:138]


وفيما ذُكِرَ مِنْ أمورِ الكفّارِ والمتَّقينَ والتائبين، وفيما سَلفَ مِنْ أحوالِ مَنْ قبلَكم، إيضاحٌ لسُوءِ عاقبةِ المُكذِّبينَ ليتَدبَّروا، وهِدايةٌ ومَوعظةٌ للمؤمِنينَ المُتَّقين، الذينَ يَعتَبِرونَ بها ويَهتدون.

﴿وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ الۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران:139]


ولا تَضْعُفوا ممّا أصابَكم، ولا يَدخُلَنَّ الوهْنُ إلى قلوبِكم، ولا تَحزَنوا على ما فاتَكم، فأنتُمُ الأعلَونَ بدينِكم، وأنتمُ الغالِبون، ما دمتُمْ مُؤمِنين، فإنَّ الإيمانَ يوجِبُ الثقةَ بالله، فلكمُ النصرُ والغَلَبة، وشهداؤكمْ في الجنَّة، وأمرُ الكافرينَ إلى الدَّمارِ كما كانَ حالُ أسلافِهم، ومصيرُ قَتلاهُمْ إلى النّار.

﴿إِن يَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡحٞ فَقَدۡ مَسَّ الۡقَوۡمَ قَرۡحٞ مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ الۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ النَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّـٰلِمِينَ﴾ [آل عمران:140]


وإذا كنتُمْ قدْ أُصِبْتُمْ بجِراحٍ وقُتِلَ منكمْ جَماعة، فقدْ أُصِيبَ أعداؤكمْ وقُتِلَ منهمْ كذلك، فهيَ سنَّةُ اللهِ أنْ تُصِيبوا وتُصابُوا، فالأيّامُ دُوَل، لهؤلاءِ يَوماً، ولأولئكَ يَوماً، ولِيَتبيَّنَ بذلكَ المؤمِنونَ الصَّادِقونَ في إيمانِهمْ وجهادِهمْ مِنْ غَيرِهم. فإنَّ تَعاقُبَ الشدَّةِ والرخاءِ يَكشِفُ مَعادِنَ النفُوسِ وطَبائعَ القُلوب، ودرجةَ الطاعة، والصبرَ على القِتال، ولِيَختارَ منكمْ شُهداء، ممَّنْ يَبذُلونَ أروَاحهمْ في سبيلِ دينِ اللهِ ومَرضاتِه؛ ليُكرمَهمْ ويَخُصَّهمْ بقُربِه، ويُنعِمَ عليهمْ مِنْ نِعَمِه.

واللهُ لا يُحِبُّ المُكذِّبينَ الضالِّين، بلْ يُحاسِبُهمْ ويُعاقِبُهم.