تفسير سورة الأعراف

  1. سور القرآن الكريم
  2. الأعراف
7

﴿قَالَ يَٰقَوۡمِ لَيۡسَ بِي ضَلَٰلَةٞ وَلَٰكِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف:61]


قالَ لهم: يا قوم، ما أنا بضالٍّ عنِ الحقّ، ولكنِّي رسولٌ مَبعوثٌ مِنْ قِبَلِ ربِّكمْ وربِّ الناسِ أجمَعين.

﴿أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمۡ وَأَعۡلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف:62]


أبلِّغكمْ ما أمرَني اللهُ بتَبليغهِ إليكم، وأنا ناصِحٌ لكمْ بأمانةٍ وإشفاق، فأتحرَّى ما فيهِ خيرُكمْ وصلاحُكم، وأرغِّبُكمْ في قَبولِ أوامرِه، وأحذِّرُكمْ مِنْ نَواهيه، حتَّى لا يُصيبَكمْ عِقابُه، وأنا أعلمُ أشياءَ لا علمَ لكمْ بها، فاتَّقوا ربَّكم، واسمَعوا نَصيحَتي، ولا تكونوا مِنَ الكافِرينَ المتكبِّرين.

﴿أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ﴾ [الأعراف:63]


ولماذا تَتعجَّبونَ وتَستبعِدونَ مجيءَ مَوعظةٍ وبيانٍ مِنْ ربِّكم، يُوحي بهِ على رَجُلٍ منْ جنسِكم، ليُحَذِّرَكمْ منَ العَذابِ والهلاكِ إذا عَصيتُم، ولتتَّقوا بذلكَ نقمتَه، وليَرحمَكمْ ويُحسِنَ إليكم إذا آمنتُمْ واتَّقيتُم؟!.

﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيۡنَٰهُ وَالَّذِينَ مَعَهُۥ فِي الۡفُلۡكِ وَأَغۡرَقۡنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمًا عَمِينَ﴾ [الأعراف:64]


لكنَّهمْ استكبَروا عنْ طَاعةِ رَسولِهمْ وكذَّبوه، وأصرُّوا على كُفرِهم، على الرَّغمِ منَ المدَّةِ الطويلةِ التي دعاهُمْ فيها إلى دينِ الله، فأنجيناهُ مِنْ بينِهم، هوَ ومَنْ آمنَ معَهُ في السَّفينة، منَ الطُّوفانِ العارم، وأغرَقنا جميعَ مَنْ كذَّبوه، ولقدْ كانوا عُمياً عنِ الحقّ، لا يَهتدونَ إلى الإيمان.

﴿۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ اعۡبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف:65]


وأرسَلنا إلى قَبيلةِ عادٍ الأُولى أخاهُمْ في النسَبِ هوداً، وكانوا بالأحقاف، بين عُمانَ والربعِ الخالي واليمن، وآثارُهمْ مازالتْ موجودةً في عُمان، فقالَ لهمْ نبيُّهم: يا قوم، اعبُدوا اللهَ وحدَه، ولا تُشرِكوا بهِ شَيئاً، فليسَ لكمْ إلهٌ غيرُ الله، أفلا تخافونَ أنْ يُصيبَكمْ بعَذابٍ مِنْ عندِه؟.

﴿قَالَ الۡمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦٓ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي سَفَاهَةٖ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الۡكَٰذِبِينَ﴾ [الأعراف:66]


قالَ الكافِرونَ مِنْ كُبراءِ قومهِ وسادتِهم، وكانوا مِنْ أشدِّ الأقوامِ تَكذيباً وعِناداً: يا هُود، إنَّنا نَراكَ في حُمْقٍ وجَهالة، حيثُ تُفارِقُ دينَ آبائكَ وتَدعو إلى دينٍ لا نَعرِفُه، ونحنُ نظنُّ أنَّكَ تكذِبُ بادِّعائكَ الرِّسَالة.

﴿قَالَ يَٰقَوۡمِ لَيۡسَ بِي سَفَاهَةٞ وَلَٰكِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف:67]


قالَ لهمْ هودٌ عليهِ السَّلام: يا قوم، لستُ في جَهالةٍ وضَلالةٍ كما تَزعُمون، ولكنِّي مُرسَلٌ إليكمْ مِنْ ربِّ العَالمين، ورُسُلهُ متَّصِفونَ بالرُّشدِ والصِّدْق، والأمانةِ والنُّصْح، والبَلاغةِ والبَيان.

﴿أُبَلِّغُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي وَأَنَا۠ لَكُمۡ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف:68]


أبلِّغُكمْ ما أمرَني اللهُ بتَبلِيغهِ إليكم، وأنا أنصحُكمْ بأمانةٍ وإخلاص، لا أكذِبُ على الله، ولا أكذِبُ عليكم، فلماذا تتَّهمونَني بالجَهلِ والسَّفَه؟

﴿أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَاذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي الۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَاذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف:69]


ولماذا تَتعجَّبونَ وتَستَبعِدونَ مجيءَ رَسولٍ إليكمْ مِنْ ربِّكمْ يَكونُ مِنْ بينِكم، يَعرِفُكمْ وتَعرِفونَه، فيُحَذِّرُكمْ بأسَهُ إذا أعرضتُمْ عنْ أمرِه، وأصررتُمْ على الكُفرِ والعِصيان. واذكروا فضلَ اللهِ عليكمْ واشْكروا نعمتَه، وقدْ جعلَكمْ خُلفاءَ ومُلوكاً بعدَ قَومِ نوح، وقدْ أهلكَهمْ لتَكذيبِهمْ رسولَ ربِّهم، فلا تَكونوا مثلَهم. واشكروهُ كذلكَ أنْ ميَّزَكمْ في أجسادِكمْ على الناسِ بالطُّولِ والقوَّة، فتذكَّروا نِعمَهُ ومِنَنهُ عليكمْ وكُونوا لهُ منَ الشَّاكرين، لتكونوا عندَهُ مِنَ الفائزين.

﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ اللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّـٰدِقِينَ﴾ [الأعراف:70]


قالوا في تحدٍّ وعِناد: هلْ أُ رسِلْتَ إلينا منْ قِبَلِ ربِّكَ لنَعبدَهُ وحدَهُ ونترُكَ ما كانَ يَعبدهُ آباؤنا وأجدادُنا مِنْ أصنامٍ وألِفْنا ذلكَ ورَضِينا به؟ فإذا كنتَ صادقاً في قولِكَ فأتِنا بالعَذابِ الذي وعدتَنا به!

﴿قَالَ قَدۡ وَقَعَ عَلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ رِجۡسٞ وَغَضَبٌۖ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيٓ أَسۡمَآءٖ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٖۚ فَانتَظِرُوٓاْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الۡمُنتَظِرِينَ﴾ [الأعراف:71]


قالَ لهمْ نبيُّهمْ هُود: لقدْ وجَبَ عليكمْ منَ اللهِ السُّخْطُ والغَضَب، والعَذابُ والانتِقام، أتخاصِمُونَني وتُجادِلونَني في هذهِ الأسماءِ التي وضعتُموها للأصنامِ أنتُمْ وآباؤكمُ المشرِكون، وجعلتُمْ منها آلهة، وهوَ ما لم يُنْزِلِ اللهُ بهِ حُجَّةً ولا دَليلاً؟

قيلَ إنَّهمْ سمَّوها خالِقة، ورازِقة، ومُنزِلةَ المطر، ونحوَ ذلك.

فانتَظِروا نزولَ العَذابِ بكمْ كما طَلبتُموه، وأنا مُنتَظِرٌ مَعكمْ ليَحيقَ بكمْ ويُهلِكَكم.

﴿فَأَنجَيۡنَٰهُ وَالَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ [الأعراف:72]


فوقعَ العَذابُ المُتربِّصُ بهم، وأنجَينا هوداً ومَنْ مَعه منَ المؤمِنينَ رأفةً بهم، وأهلَكنا الكافرينَ الذينَ كذَّبوا رَسولَنا واستكبَروا عنِ الإيمانِ بآياتِنا، واستأصَلناهمْ عنْ آخِرِهم، ولم يؤمِنوا كما آمنَ غيرُهمْ ليَنجوا، بلْ أصرُّوا على الكُفرِ والتَّكذيب.

﴿وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ اعۡبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ قَدۡ جَآءَتۡكُم بَيِّنَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡۖ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ اللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [الأعراف:73]


وأرسَلنا إلى قَبيلةِ ثمودَ أخاهُمْ في النسَبِ النبيَّ صالحاً عليهِ السَّلام، وكانوا فيما بينَ الحجازِ والشَّام (مدائنَ صالحٍ في بلادِ الحرَمَينِ في عَصرِنا)، فقالَ لهمْ وقدْ كفَروا وأشرَكوا: يا قوم، اعبُدوا اللهَ وحدَهُ ولا تُشرِكوا في عبادتِهِ أصناماً لا تَنطِقُ ولا تَسمَع، ليسَ لكمْ منْ إلهٍ غيرُ الله، وهذهِ مُعجِزَةٌ خارِقةٌ تَدُلُّ على صِدقِ نبوَّتي وإرسالي إليكمْ منْ قِبَلِ ربِّكم، هذهِ ناقةُ اللهِ - قيلَ ذلكَ تعظيماً لها وتشريفاً، وقدْ جاءتْ منْ عندِ اللهِ ولم يَملِكْها أحَد - فاترُكوها تأكلِ العشبَ في أرضِ اللهِ الواسِعة، ولا تمدُّوا أيديَكمْ إليها بأذًى وشَرّ، كذَبحٍ أو ضَرْب، حتَّى لا يُصيبَكمُ اللهُ بعَذابٍ مِنْ عندِه.

﴿وَاذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي الۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ الۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَاذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ اللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي الۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ﴾ [الأعراف:74]


وتذكَّروا فَضلَ اللهِ عليكم، حيثُ جعلَكمْ خُلفاءَ في الأرضِ منْ بعدِ قَومِ عاد، وأنزلَكمْ في أرضِ الحِجْر، بينَ الحِجازِ والشَّام، تَبنونَ المساكنَ العاليةَ في سُهولِها، وتَنقُبونَ الجبالَ وتَنحِتونَ منها البُيوتَ لتَسكُنوا فيها شِتاء، فتذكّروا النِّعمَ التي قدَّرَكمُ اللهُ عليها، ولا تُفسِدوا في الأرضِ(45) فتَكونوا أشراراً مستَحقِّينَ العِقاب.

(45) قالَ العلّامة الشوكاني عند تفسيرهِ الآيةَ (60) من سورةِ البقرة: عثَى يعثي عثيًا، وعثا يعثو عثواً، وعاثَ يعيثُ عيثاً، لغات، بمعنى أفسد... وفي الكشاف: العثي: أشدُّ الفساد، فقيل لهم: لا تمادوا في الفسادِ في حالِ فسادكم؛ لأنهم كانوا متمادين فيه. (فتح القدير، باختصار).

﴿قَالَ الۡمَلَأُ الَّذِينَ اسۡتَكۡبَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لِلَّذِينَ اسۡتُضۡعِفُواْ لِمَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُمۡ أَتَعۡلَمُونَ أَنَّ صَٰلِحٗا مُّرۡسَلٞ مِّن رَّبِّهِۦۚ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرۡسِلَ بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ﴾ [الأعراف:75]


قالَ السَّادةُ والأشرافُ الذينَ تَكبَّروا منْ قَومِ صالح، ممَّنْ لم يَسمَعوا نصيحتَه، واستهزَؤوا بالمُعجِزةِ التي أيَّدتْ نُبوَّته؛ قالوا لأتباعهِ منَ المؤمِنينَ الضُّعفاءِ في سُخريةٍ وتَهكُّم: هلْ أنتُمْ متأكِّدونَ مِنْ أنَّ صالحاً نبيٌّ مُرسَلٌ منْ عندِ اللهِ إليكم؟ قالوا: نحنُ مؤمِنونَ بذلك، ولا شُبهةَ عندَنا فيه.

﴿قَالَ الَّذِينَ اسۡتَكۡبَرُوٓاْ إِنَّا بِالَّذِيٓ ءَامَنتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ﴾ [الأعراف:76]


قالَ لهمُ الكافِرونَ المستَكبِرونَ في عتوٍّ وجَلافة: ونحنُ نَجحَدُ بالذي آمنتُمْ به، ولا نسلِّمُ مثلَكمْ بنبوَّته.

﴿فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوۡاْ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِمۡ وَقَالُواْ يَٰصَٰلِحُ ائۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الأعراف:77]


فنَحروا الناقَة، واستَكبَروا عنِ الامتِثالِ لأمرِ ربِّهمُ الذي بلَّغَهمْ نبيُّهم، ثمَّ وقَفوا في تحدٍّ وتَعجيزٍ أمامَ تهديدهِ قائلين: يا صالح، ائتِنا بالعَذابِ الذي وعدتَنا به، إذا كنتَ حقًّا نبيًّا مُرسَلاً.

﴿فَأَخَذَتۡهُمُ الرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دَارِهِمۡ جَٰثِمِينَ﴾ [الأعراف:78]


فأهلكَهمُ اللهُ بزَلزَلةٍ شَديدةٍ مِنْ تحتِهم، وصَيحةٍ قويَّةٍ مِنْ فَوقِهم، فأصبَحوا في ديارِهمْ خامِدين، موتَى هامِدين، لا حَرَاك بهم، ولا حِسَّ فيهم.

﴿فَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّـٰصِحِينَ﴾ [الأعراف:79]


فأعرضَ عنهمْ صالحٌ وهوَ مُتَحسِّرٌ على ما فاتَهمْ منَ الإيمان، وخاطَبَهُمْ كما خاطبَ رسولُنا صلى الله عليهِ وسلم موتَى المشرِكينَ في غَزوةِ بدر: يا قوم، لقدْ أبلغتُكمْ رسالةَ ربِّي كما طَلبَ منِّي، وكانَ فيها فوزُكمْ ونجاتُكمْ لو أطعتُمْ ولم تُعانِدوا، ونَصحتُكمْ كما يَنبغي، وأنا مُشفِقٌ عليكم، وودِدْتُ لو آمنتُمْ عنْ آخِرِكم، ولكنَّكمْ لا تَوَدُّون الناصِحين، وتُعادونَ المخلِصين، فكانَ هذا جزاءَكم، وفي الآخِرةِ عذابٌ أشدُّ وأبقَى.

﴿وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ أَتَأۡتُونَ الۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ الۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف:80]


وقدْ أرسَلنا لوطاً نبيًّا منْ عندِنا إلى قومِه، وكانوا حولَ البَحرِ الميِّت بفلسطين، فقالَ لهمْ مُستَنكِراً: أتأتونَ فاحشةً بَغيضةً مُنكَرةً لم يَسبِقْكمْ بها أحدٌ منَ العالَمين؟