ولمَّا رجعَ موسَى عليهِ السلامُ مِنْ مناجاةِ ربِّه، وقدْ أخبرَهُ سبحانَهُ بما صَنعَ قومهُ مِنْ بعدِه، غَضِبَ غَضَباً شَديداً، وقالَ لهم: بئسَ الذي فَعلتُموهُ مِنْ عبادةِ العِجلِ في غيبَتي، فهلِ استعجلتُمْ بهذا عقوبةَ اللهِ ونِقمتَهُ بكم؟!
وألقَى ألواحَ التوراةِ التي جاءَ بها على الأرضِ مِنْ شدَّةِ غَضَبهِ على قَومِه، واتَّجهَ إلى أخيهِ هارونَ وكانَ نائبَهُ في القَومِ، وأخذَ بشَعرِ رأسهِ يَجُرَّهُ نحوَه، وهوَ يظنُّ أنَّهُ قَصَّرَ في نَهيهم، فأجابَهُ عليهِ السَّلامُ بأنَّهُ غُلِبَ على أمرِه، وقال: يا أخي، لقدِ استذلَّني عبَدَةُ العِجلِ ولم يُبالوا بي، لِقلَّةِ مَنْ بقيَ معي وأيَّدَني عليهم، حتَّى همُّوا أنْ يَقتلوني لمِا بَذلتُ منْ نُصحٍ في نَهيهمْ عنْ ذلك، فلا تأخُذْ بشعرِ رأسي ولا تَغضَبْ عليَّ حتَّى لا تُسِرَّ الأعداءَ وتُفرِحَهمْ بذلك، ولا تَجعلني في عِدادِ الظَّالمينَ المُجرِمين، ولا تَخلِطْني بهم.