فاذكرُوا ذلكَ اليومَ أيُّها المسلِمون، عندما كنتُمْ نُزولاً بشَفيرِ الوادي الأقرَبِ إلى المدينة، والمشرِكونَ نازلونَ بشَفيرِ الوادي الأقصَى منَ المدينة، وقافِلةُ أبي سُفيانَ وأصحابهِ في مَوضعٍ أسفلَ منكمْ إلى سَاحلِ البحر، ولو تواعدتُمْ أنتُمْ والمشرِكونَ علَى القِتالِ لما تلاقَيتُمْ في ذلكَ الوقتِ ولا مكانِه، فقدْ خرجتُمْ أنتُمْ لإصابةِ القافِلة، وهُمْ خَرجُوا لمنعِكُمْ مِنْ ذلك، وأنتُم في قِلَّةِ عددٍ لا تَوَدُّونَ لقاءَهم، ولكنَّ اللهَ قدَّرَ الميعادَ والحربَ بتَدبيرِه، ليَنْصُرَ المؤمِنين، ويَقْهَرَ أعداءَهم، ويُعِزَّ دينه، ويَرفَعَ كلمةَ الحقِّ على الباطِل، ليَموتَ مَنْ يموتُ عنْ بيِّنةٍ رآها، وعِبْرَةٍ عايَنها، وحُجَّةٍ قامَتْ عليه، ويعيشَ مَنْ يعيشُ عنْ حُجَّةٍ شَاهدَها، ويَصيرَ الأمرُ ظاهِراً، ولا يَبقَى لأحَدٍ حُجَّةٌ ولا شُبهة.
أو لِيَصدُرَ كُفْرُ مَنْ كفرَ وإيمانُ مَنْ آمنَ عنْ وضوحٍ وبيِّنة، فإنَّ وقعةَ بَدرٍ كانتْ منَ الآياتِ الواضِحة، والحُجَجِ الظاهِرَة، لمنْ أرادَ أنْ يَتدبَّرَ ويَعتَبِر.
واللهُ سَميعٌ لتضرُّعِكمْ واستِغاثَتِكم، عليمٌ بنيّاتِكمْ وإخلاصِكم، وأنَّكمْ تستَحِقُّونَ النَّصرَ على أعدائكم.