إنَّما الزيادةُ في عددِ شُهورِ السَّنة، أو عددِ أيَّامها، كما كانَ يفعلُهُ العَربُ الجاهليُّون، لِيَستَحِلُّوا بها الحَرب، إنَّما هيَ زيادةٌ في الكُفرِ على كُفرِهم، ففيها إحلالٌ لِما حرَّمَ الله، ومخالَفةٌ لشَرعِه، وكُفرٌ في الاعتِقاد، يُضَلُّ بها المشرِكونَ على إضلالِهم، ويُخْدَعونَ بما فيها منْ تلاعُبٍ وتَحريف. يُحِلُّونَ الشهرَ المؤخَّرَ عاماً منَ الأعوام، ويحرِّمونَ مكانَهُ شهراً آخَرَ ممّا ليسَ بحرام، لِيوافِقوا بالشَّهرِ الحلالِ الذي حرَّموهُ ما كانَ حراماً منَ الأشهُرِ الأربعة، حتَّى يَدفَعوا عنْ أنفُسِهم إثمَ ما قَاموا بهِ منْ حَرب، بزعمِهم. ورأوا أنَّهمْ بذلكَ قامُوا بعَملٍ حسَن، وظنُّوا الانحرافَ استِقامة، والغِواية هِداية، واللهُ لا يَهدي منِ ابتعدَ عنْ دَلائلِ الهُدَى، وأصرَّ على الكُفر.
وكانوا في الجاهليَّةِ على أنحاء: منهمْ مَنْ يُسَمِّي المحرَّمَ صَفَراً فيُحِلُّ فيهِ القِتال، ويُحَرِّمُ القِتالَ في صَفَرَ ويُسَمِّيهِ المحرَّم، ومنهمْ مَنْ يجعلُ ذلكَ سَنةً هكذا وسَنةً هكذا...