فإذا لم تَستَجيبوا لنِداءِ رسُولهِ إلى الجِهادِ وأبَيتُمْ نصرَه، فإنَّ اللهَ ناصِرُهُ ومُؤيِّدُه، كما تولَّى نَصرَهُ عندما تسبَّبَ الكفّارُ في إخراجهِ مِنْ مكَّة، فأذِنَ لهُ بالخُروجِ مِنْ بينِهمْ عامَ الهجرةِ إلى المدينة، ومعَهُ صاحِبُهُ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضيَ الله عنه، وكانَ يخافُ عليهِ منَ المشرِكين، الذينَ تتبَّعُوا أثرَهُ ليَقتُلوه، فقالَ لهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في الغارِ وهوَ يسكِّنهُ ويُثَبِّتهُ: "يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما"؟
فأنزلَ الله أمنَهُ وطُمَأنينتَهُ على رسُوله، وأيَّدَهُ بالملائكةِ يَحرُسونَهُ ويُثَبِّتونه، وأحبطَ تدبيرَ الكفّارِ ومَكْرَهم، وأفشلَ مؤامرتَهم في قتلِه، وجعلَ كلمتَهمُ التي اجتمَعوا عليها هي السُّفلَى والخاسِرَة، رَغمَ أنوفِهم، فنجّاهُ اللهُ وأبلغَهُ مأمَنه، ورجَعوا همْ خائبينَ خاسِرين، وكلمةُ اللهِ في الحقّ، والتوحيد، هيَ العُليا، لا تَنْزِل، ولا يَعلُو عَليها شَيء، فالحقُّ لا يتغيَّر، والصَّحيحُ لا يكونُ باطلاً.
واللهُ عَزيزٌ في انتِقامهِ لا يُغالَب، حكيمٌ فيما يأمرُ ويدبِّر، لا يُراجَعُ فيه.