فلعلَّكَ تَترُكُ أيُّها الرسُولُ تَبليغَ بعضِ ما أوحَى اللهُ إليكَ مِنَ القُرآن، ويَضيقُ صَدرُكَ بكلِماتِ الكافِرينَ التي تُنْبِئُ عنُ مواقِفُهمُ السيِّئةِ منه.
و"لعلَّ" هنا ليسَ استفهامًا خالِصًا، بلِ المُرادُ منهُ الزَّجْر. وكانَ الكافِرونَ يَستَهزِؤونَ بالقُرآن، فيَضيقُ صَدرُ الرسُولِ صلى اللهُ عليه وسلم أنْ يُسمِعَهُمْ ما لا يَقبَلونَهُ ويَضحَكونَ منه، فأثارَتِ الآيةُ عزيمتَهُ لئلاّ يَنالَ منها ذلك.
وقالَ الكافِرون: هلاّ نزلَ على هذا الرسُولِ مالٌ كَثير، أو جاءَ معَهُ مَلَكٌ يُصَدِّقهُ حتَّى نُصَدِّقَه؟
فلا يَضِقْ صَدرُكَ بهذا وبغَيرِهِ منْ كلامِهمْ ومُقتَرَحاتِهمُ التي يَقولونَها تَعجيزًا واستِهزاء، لا طَلَباً للإيمان، فلستَ موَكَّلاً بهمْ وبإيمانِهم، إنَّما أنتَ مُبَلِّغ، واللهُ هوَ القائمُ بكلِّ شَيء، الحافِظُ له، يَعلَمُ مَنْ يَستَحِقُّ الهِدايةَ فيَهديه، ومَنْ يَستَحِقُّ الضَّلالةَ فيُبقِيهِ عليها.