وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس... - سورة البقرة الآية 143

  1. الجزء الثاني
  2. سورة البقرة
  3. الآية: 143

﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا الۡقِبۡلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾

[البقرة:143]

تفسير الآية

وكذلكَ جَعلناكمْ –يا أمَّةَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم- خيارَ الأُمَم، لتَكونوا شُهداءَ عَليهمْ يومَ القيامة، بأنَّ اللهَ أرسلَ الرسلَ إليهمْ فبلَّغوا ونصَحوا، ولأنَّ دينَكمْ هوَ الحقُّ مِنْ بينِ أديانِ الأممِ ومَذاهبِها؛ فقدْ وجَّهكمُ اللهُ إلى قِبلةِ إبراهيمَ أبي الأنبياء، وخصَّكمْ بأكملِ الشرائع، وأقومِ المناهج، وأوضَحِ المذاهب. ثمَّ يكونُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم شهيداً عليكمْ يومَ القيامة، بأنَّهُ بلَّغكمْ رسالةَ ربِّه.

وقد كانَ الأمرُ باستقبالِ المسجدِ الأقصَى أولاً امتحاناً، ليتبيَّنَ منْ يُطيعُ اللهَ ومَنْ يُخالِفُه، وخاصَّةً أنَّ العربَ كانوا متعلِّقينَ بالبيتِ كيفَما كان، وكانَ التحوُّلُ منهُ صَعباً عليهم، فأرادَ اللهُ أنْ يَصرِفَ قلوبَ مَنْ أسلمَ منهمْ إلى الطَّاعةِ المطلَقة، والتخلُّصِ منْ الرواسبِ الجاهليَّة، مهما كانَ شأنُها، حتَّى تأخذَ هذهِ التربيةُ مأخذَها منَ النفوسِ وتتدرَّبَ على الطاعةِ والامتِثال، وهو وإنْ كانَ عَظيماً على النفوس، إلاّ أنَّهُ سَهلٌ على القلوبِ المؤمنةِ المُهتدية، التي أيقنتْ بتصديقِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، وأنَّ ما جاءَ بهِ هوَ الحقُّ الذي لا شكَّ فيه، وأنَّ اللهَ يَفعلُ ما يشاءُ ويَحكمُ ما يُريد، فما على المسلمِ إلاّ الطاعةُ والامتِثال.

وما كان اللهُ ليُضِيعَ صلواتِكمُ التي توجَّهتُمْ فيها إلى بيتِ المقدسِ سابقاً، فلا يَضِيعُ ثوابُها عندَه، إنَّهُ رؤوفٌ رحيمٌ بعبادِه، يوصِلُ إليهمُ النِّعمَةَ الصافيةَ بفضلهِ ورَحمتِه.

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم