ولو شاءَ اللهُ لجعَلَ النَّاسَ جَميعًا بعضَهمْ مثلَ بَعض، في أفكارِهم ومُعتَقداتِهم، وثقافاتِهمْ واتِّجاهاتِهم، فكانوا مُجتَمعِينَ على دِينٍ واحدٍ ومِلَّةٍ واحِدة، لا يقَعُ بينَهمْ اختِلافٌ وتَناحُر، وصَاروا كأنَّهمْ نُسخَةٌ مُكَرَّرِةٌ منْ بعضِهمُ البَعض، ولكنْ لم يَشَأِ اللهُ ذلكَ على هذهِ الأرض، بلْ خَلَقَ الإنسانَ بطبائعَ مُختَلِفةٍ وعُقولٍ مُتفاوِتة، ووَهَبَهمُ العَزيمةَ والقُدرَةَ على الاختيار، بعدَ أنْ أعطاهمُ العَقلَ وبيَّنَ لهمُ الحقّ، ويَكونُ مِنْ مُقتَضَى هذا التَّفاوتِ والاختلافِ بينَهم، أنْ يَكونوا مُتفاوِتينَ ومُختَلِفينَ في عَقائدِهمْ وآرائهم،