إلاّ مَنْ أدرَكَتْهُمْ رَحمَةُ اللهِ فاهتَدَوا إلى الدِّينِ الحقّ، فهُمْ لا يَختَلِفونَ في العَقيدة، ولذلكَ خَلَقَ الناس، حتَّى يَتحَمَّلَ كُلٌّ تَبِعةَ اختيارِه، ويُجازَى عَليه.
نقلَ الطبريُّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَولَه: خلقَهمْ فَريقَين: فَريقًا يُرحَمُ فلا يَختَلِف، وفَريقًا لا يَرحَمُ يَختَلِف، وذلكَ قَولُه: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [سورة هود: 105]. اهـ.
فأهلُ الرَّحمَةِ لا يَختَلِفون، وإذا اختلَفوا فلا يَكونُ اختِلافُهمْ مثلَ اختِلافِ الآخَرينَ في تَباغُضِهمْ وتَفرُّقِهم. يَقولُ الحسَنُ البَصْريُّ رَحِمَهُ الله: أهلُ رَحمَةِ اللهِ لا يَختَلِفونَ اختِلافًا يَضُرُّهم.
وهكذا نَفَذَ قضاءُ اللهِ وحَقَّ أمرُه، وتَمَّ حُكْمُه، بأنْ تَمتَلِئَ جَهنَّمُ منَ الكافِرينَ الضالِّين، المختَلِفينَ معَ أهلِ الحقِّ، المُعادِينَ لهم، وتَمتَلِئَ الجنَّةُ بالمؤمِنينَ المتَّبِعينَ للحَقّ، منَ الجِنِّ والإنس.