وقَدْ قَصَدَتْ مُخالطَتَهُ وعَزمَتْ على ذلكَ عَزْمًا جازِمًا. ومالَ هوَ إلَيها في لَحظَةٍ منَ اللَّحَظات، بمُقتَضَى الطبيعَةِ البشَريَّة، لكنَّ ذلكَ لم يَتجاوَزْ خاطِرًا قَلبيًّا عِندَه، فلمّا تمَثَّلَ أمامَهُ بُرهانٌ منْ عندِ اللهِ وآيَةٌ في تَثبيتِه، تُذَكِّرُهُ بالرَّدْعِ منَ الفَاحِشة، وتُقَوِّي عَزيمَتَهُ بالصَّبرِ والتَّقوَى، أضاءَ ذلكَ نورَ الإيمانِ في قَلبِهِ مِنْ جَديدٍ بقُوَّة، فتَذَكَّرَ وأناب، واستَعاذَ باللهِ واعتصَمَ به، ولمْ يَهُمَّ بشَيء، وصُرِفَ عَنهُ حتَّى ذلكَ الخاطِرُ القَلبيّ.
وكما أرَيناهُ بُرهانًا فصَرَفناهُ عمّا كانَ فيه، كذلكَ نَصرِفُ عنهُ الخِيانةَ والزِّنا، إنَّهُ مِنْ عِبادِنا المُصطَفَينَ الأخيَار، الذينَ اختَرناهُمْ لطاعَتِنا، وأكرَمناهُمْ بالنبوَّة، وعَصمناهُمْ ممّا يَقدَحُ في سُلوكِهمْ وسِيرَتِهم.