إنَّكمْ ما تَعبُدونَ - أهلَ الشِّركِ - سِوَى ألفَاظٍ فارِغة، وآلِهةٍ خَالِية، ليسَ لها منْ حَقيقةِ الرُّبوبيَّةِ شَيء، وقدْ أطلَقتُمْ عليها هذهِ الأسماءَ المُفَخَّمةَ والألقابَ المُعَظَّمةَ أنتُمْ وآباؤكمْ بتصَرُّفٍ مِنْ عِندِكم، جَهلاً وضَلالًا، بدونِ أيِّ مُستَنَدٍ ولا حُجَّةٍ منْ عندِ الله، وإنَّما هكذا يَتلقَّى خَلَفُكمْ عنْ سَلَفِهمْ اتِّباعًا وتَقليدًا، بدونِ عِلمٍ ولا وَعي.
ما الأمرُ والنَّهي، والتشريعُ والقَضاء، إلاّ مِنْ عِندِ الله، فلهُ السُّلطانُ ولهُ الحُكم؛ لأنَّهُ الإلهُ الحقُّ المَعبود، والمالِكُ للأمرِ كُلِّه، فهوَ الذي يأمرُ بالعِبادةِ لمَنْ يَستَحِقُّها، وبكيفيَّةِ ذلك، وقدْ أمرَ ألاّ تَعبدوا إلاّ إيَّاه، فلا تتَوجَّهُ العِبادَةُ إلاّ إليه، لأنَّهُ وحدَهُ المُستَحِقُّ لذلك، وهذا هوَ النَّهجُ الثابِتُ المُستَقيمُ الذي لا يتَغيَّرُ في الدِّين، وهوَ الذي أُرسِلَتْ بهِ الرُّسُل، ونزَلَتْ بهِ الكتُب، ودلَّتْ عَليهِ الحُجَجُ والبَراهين، وهذا ما أدعوكُما إليه، مِنَ الطَّاعةِ والتَّوحيد، ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يَعلَمونَ ذلك، لجَهلِهمْ بتلكَ الدَّلائل، ولذلكَ فإنَّ أكثرَهمْ مُشرِكون.