أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل... - سورة الرعد الآية 17

  1. الجزء الثالث عشر
  2. سورة الرعد
  3. الآية: 17

﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءٗ فَسَالَتۡ أَوۡدِيَةُۢ بِقَدَرِهَا فَاحۡتَمَلَ السَّيۡلُ زَبَدٗا رَّابِيٗاۖ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيۡهِ فِي النَّارِ ابۡتِغَآءَ حِلۡيَةٍ أَوۡ مَتَٰعٖ زَبَدٞ مِّثۡلُهُۥۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ اللَّهُ الۡحَقَّ وَالۡبَٰطِلَۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي الۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ اللَّهُ الۡأَمۡثَالَ﴾

[الرعد:17]

تفسير الآية

أنزلَ اللهُ مطَرًا كثيرًا، فسالَتْ مِنْ ذلكَ الماءِ أودِيَة، كُلُّ وادٍ بحسَبِهِ وبمِقدارِ طاقَتِه، فحملَ الماءُ الجاري في تلكَ الأوديَةِ غُثاءً، نتيجةَ جيَشانِ مائهِ واضْطرابِ أمواجِه، وارتطامِهِ بأجسَام، فيَطفو هذا الغُثاءُ على الماءِ ويَنتَفِخُ فوقَهُ عاليًا حتَّى يَكادُ يَحجُبُه، وهوَ ما لا خَيرَ فيه.

ومَثَلٌ آخَر: المعادِنُ التي تُحمَى على النارِ لتُسبَكَ وتُصاغَ منهُ الحُليّ، كالذَّهَبِ والفِضَّة، بغرَضِ الزِّينَة. أو مَتاعٌ مِنْ أوانيَ وآلاتٍ مِنْ مَعادِنَ أُخرَى ممّا يُنتَفَعُ به، فلَهُ كذلِكَ خَبَثٌ مِثْلُ زَبَدِ الماء، يَعلو عَليه، حتَّى يَكادُ يَحجُبُ المَعدِنَ الأصْل.

وذلكَ مَثَلُ الحقِّ والبَاطِلِ في الواقعِ المُعاش، فإنَّ الزَّبدَ الذي عَلا السَّيْل، والخبَثَ الذي عَلا المَعدِن، سيُرمَى ويَضيع، لأنَّهُ لا تَماسُكَ فيهِ ولا فائدَةَ منه.

وأمّا الذي يَنفَعُ النَّاس، منَ الماءِ الحقيقيّ، والمَعدِنِ الأصلي، فهوَ الذي يَبقَى ولا يَذهَب، ويَصمَدُ ولا يُطْرَح.

وجعلَ اللهُ هذا مِثالاً للحقِّ والباطِل، فإنَّ الباطِلَ يَنتَفِخُ ويَعلو ويُجَلجِلُ حتَّى يَكادُ يُخفي الحقّ، لكنَّهُ يَختَفي مِنْ ضَوئهِ إذا برزَ له، ويَضمَحِلُّ حتَّى يَموت. والحقُّ هادِئٌ ثَقيلٌ مُتماسِك، ذو أصلٍ وجَذْرٍ قَويّ، يَبقَى ويَشِعُّ ولا يَموت، وهوَ الذي يَنفَعُ النَّاسَ ويَثبتُ لهمْ ومعَهم.

أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ

أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال