أفمَنْ كانَ رَقيبًا على كُلِّ نَفس، ومُهَيمِنًا عَليها في كُلِّ حَال، عالِمًا بما فعَلتْ مِنْ خَيرٍ وشَرّ، في السِّرِّ والعَلَن، وهوَ اللهُ سُبحانَه، كمَنْ ليسَ بهذهِ الصِّفَة، مِنَ الأصْنامِ التي يَعبدُها المشرِكون، وهيَ لا تُحَرِّكُ ساكِنًا، ولا تَنفَعُ نَفسَها ولا عابدِيها، ومعَ ذلكَ فهمْ يَعبدُونَها ويُحِبُّونَها ويُقَدِّمونَ لها الذَّبائحَ والنُّذور؟!
قُلْ لهمْ أيُّها النبيّ: سَمُّوا أصنامَكمْ بما شِئتُم، مِنْ آلهَةٍ أو غَيرِها، فإنَّها ليسَتْ في حقيقَتِها سِوَى أحجارٍ لا تَضُرُّ ولا تَنفَعُ أحدًا، أمْ أنَّكمْ أيُّها المشرِكونَ تُريدونَ أنْ تُخبِروا اللهَ بوجُودِ شُركاءَ لهُ في الأرضِ وهوَ لا يَعلم؟ أمْ أنَّكمْ تُسَمُّونَهمْ شُركاءَ في ألفاظٍ ظاهِرةٍ جَوفاءَ لا مَعنَى لها حَقيقَة؟
بلْ سوَّلَتْ لهمْ نُفوسُهمْ تَزيينَ هذا الشِّرك، وحبَّبَتْ إليهمْ تَمويهَ هذهِ الأباطيلِ حتَّى ظَنُّوها حَقيقَة، فوصَلوا إلى دَرجَةِ عِبادَتِها، والدِّفاعِ عَنها، وامتَنعوا عنِ اتِّباعِ الطَّريقِ الحقّ، لتَمادِيهمْ في الضَّلال، وإغواءِ الشَّيطانِ لهم، حتَّى خُتِمَ على قُلوبِهم، فلا يَرونَ شَيئاً إلاّ الكُفر؟! ومَنْ أضَلَّهَ اللهُ لنُفورِهِ مِنَ الحقّ، فلا هاديَ لهُ إليه، ولا قائدَ لهُ إلى النُّور.