وبعثَ اللهُ الخلائقَ مِنْ قُبورِهم، واجتَمَعوا جَميعًا في صَعيدٍ واحِد، وبرَزوا للهِ في مَكانٍ لا يُسْتَرُ فيهِ أحَد، فقالَ ضِعافُ الرَّأي منَ الأتْباعِ الذينَ أذَلُّوا أنفُسَهم، لقادَتِهمْ وكُبَرائهم، الذينَ كانوا يَخطِبونَ فيهم، ويَجتَمِعونَ بهم، ويُضِلُّونَهمْ بأفكارِهمْ ونظَريَّاتِهم: لقدْ كُنّا تابعينَ لكم، نُصَدِّقُكمْ فيما تَقولون، ونُكَذِّبُ ما تُكَذِّبون، فهلْ تنفَعونَنا في هذا المَوقِف، وتَدفَعونَ عَنّا بعضًا منَ العَذابِ الذي جُوزينا به؟
فقالَ القادَةُ المُستَكبِرون: لو سَلكنا طريقَ الهُدَى لهَدانا اللهُ ولدَعَوناكمْ إليه، ولكنّا اختَرنا طريقَ الضَّلالِ فأضَلَّنا الله - واللهُ لا يأمرُ بالضَّلالِ - فدعَوناكمْ إليه. ولا فائدَةَ منَ الشَّكوَى الآن، فسَواءٌ عَلينا إنْ خِفنا وقَلِقنا، أمْ ثَبَتْنا وصَبَرنا، فإنَّهُ لا يُجدي شَيئاً، فلا مَهرَبَ مِنْ عَذابِ الله، ولا نَجاةَ لنا مِنْ غَضَبِه.