وقدْ أرسَلنا لكُلِّ أُمَّةٍ منَ الأُمَمِ السَّابقَةِ رَسُولاً يأمرُهمْ بعبادَةِ اللهِ وحدَه، واجتِنابِ كُلِّ ما عَداهُ مِنْ وثَنيَّةٍ وضَلالٍ وفِكرٍ لا يوافِقُ دِينَ الله.
فمِنْ هذهِ الأُمَمِ مَنْ هَداهمُ اللهُ إلى الحقِّ بعدَ إنذارِ الرسُل، فاستَجابوا لنداءِ ربِّهِمْ والتَزَموا بأحكامِ دِينِه، ومنهمْ مَنْ أبَى فكفَرَ واتَّبعَ طَريقَ الطَّاغوت، فثَبتَتْ عَليهمُ الضَّلالة.
"وهذا الفَريقُ وذلك، كِلاهُما لم يَخرُجْ على مَشيئةِ الله، وكِلاهُما لم يَقسِرْهُ اللهُ قَسْرًا على هُدًى أو ضَلال، إنَّما سلَكَ طريقَهُ الذي شاءَتْ إرادَةُ اللهِ أنْ تَجعلَ إرادتَهُ حُرَّةً في سُلوكِه، بعدَما زوَّدَتْهُ بمعالِمِ الطَّريقِ في نَفسِهِ وفي الآفاق"، كما قالَهُ صاحِبُ "الظِّلال".
فامشُوا في الأرض - أيُّها المُكَذِّبونَ المُستَهزِؤونَ - مُفَكِّرينَ مُعتَبرِينَ منْ آثارِ السَّابقينَ وأحداثِهمْ وقَصَصِهم، وما حَلَّ بهمْ منْ عُقوبَةٍ ونَكال، جَزاءَ كُفرِهمْ وتَكذيبِهمْ أنبياءَهم، معَ ما يَنتَظِرُهمْ مِنْ عَذابٍ في الآخِرَة.