ألمْ تَنظُرْ وتَتفَكَّرْ أيُّها العاقِلُ كيفَ ذلَّلَ اللهُ لكمْ ما في الأرْضِ لتَنتَفِعوا بها وتَقضُوا بها حوائجَكم، مِنَ الدوابِّ والنَّباتِ والمَعادِنِ وغَيرِها.
وهذهِ السُّفُنُ بأنوَاعِها وأحجَامِها تَمخُرُ عُبابَ البِحار، بتَسخيرِهِ وتَهيئتِهِ المياهَ لذلك، بحسَبِ ما يَضَعُ اللهُ فيها مِنْ نواميسَ وقوانينَ فيزيائيَّة، فتَطفو عَليها، فتَحمِلُكمْ وما تَرغَبونَ مِنْ حاجاتِكمْ لتَنقُلَكمْ إلى ما وراءَ البِحار.
ومِنْ لُطفِهِ وقُدرَتِهِ تَعالَى إمساكُ السَّماءِ لئلاّ تقَعَ على الأرض، إلاّ إذا شاءَ ذلك، بما وضَعَ فيها أيضًا مِنْ نواميس، وجعلَها قَويَّةً مُتماسِكة.
واللهُ رَؤوفٌ بعِبادِه، رَحيمٌ بهم، فأمَّنَ لهمُ الأرْضَ التي يَعيشونَ عَليها حتَّى لا تَسقُطَ عَليها أجرامٌ سَماويَّةٌ فتُهلِكَهم، وسخَّرَ لهمْ ما فيها لأجلِ مَصالحِهم.