وقال نبيُّ اللهِ وخليلهُ إبراهيمُ عليهِ السلامُ داعياً ربَّه: بَصِّرْني كيفَ تُحيي الموتَى يا ربّ، لأرَى ذلكَ عِياناً.
فقالَ لهُ ربُّه: أوَلم تؤمنْ بأنِّي قادرٌ على الإحياءِ يا إبراهيم؟
وهوَ يعلمُ سبحانَهُ أنَّهُ أثبتُ الناسِ إيماناً وأقواهُمْ يَقيناً.
فقالَ عبدهُ ونبيُّهُ إبراهيمُ عليهِ السلام: بلَى يا ربّ، قدْ عَلِمتُ وقدْ آمَنت، ولكنِّي أريدُ أنْ أرَى ذلكَ عِياناً، ليَنضمَّ ما أراهُ إلى ما أعتَقِدُهُ يقيناً، فأزدادُ بالمشاهدةِ بَصيرة، ويطمئنُّ بذلكَ قلبي، فإنَّهُ يَسْكنُ إذا عاينَ شيئاً وشاهدَه، وليسَ الخبرُ كالمعَايَنة.
قالَ صاحبُ "روح المعاني": ولا أرَى رؤيةَ الكيفيَّةِ زادَتْ منْ إيمانهِ المطلوبِ منهُ عليهِ السلام، وإنَّما أفادتْ أمراً لا يَجِبُ الإيمانُ به".
فاستجابَ اللهُ دُعاءَه، وأراهُ كيفيَّةَ الإحياءِ عِياناً، وقالَ له: خُذْ أربعةَ طُيور، فاذبَحْها وقَطِّعْها ومَزِّقْها، وفَرِّقْ أجزاءَها على جِبال، ثمَّ نادِها، فَسوفَ تأتيكَ مُسرِعَة. فاجتَمعتْ أجزاؤها مرَّةً أخرَى، وعادتْ إلى الحياةِ بإذنِ الله.
واعلمْ أنَّ اللهَ عزيزٌ لا يُعْجِزُهُ ولا يَمتنعُ منهُ شيء، حكيمٌ فيما يَقولُ ويَفعل، ويُشَرِّعُ ويُقَدِّر.