فلأجلِ ما ذُكِرَ مِنَ التفَرُّقِ والاختِلافِ أيُّها الرسُول، ادْعُ النَّاسَ إلى الدِّين، وإلى الوَحدَةِ والائتِلاف، واثبُتْ كَما أَمرَكَ اللهُ أنتَ ومَنِ اتَّبعَكَ على التَّوحيدِ والطَّاعَة، وداوِموا عَليه، ولا تتَّبِعْ أهواءَ المُشرِكينَ الفاسِدَة، وآراءَهمُ الضَّالَّة، وقُل: صَدَّقتُ بجَميعِ الكتُبِ المُنزَلَةِ مِنْ عندِ الله، وأمرَني اللهُ بأنْ أحكُمَ بينَكمْ بالعَدل، في جَميعِ الأحوال.
اللهُ رَبُّنا جَميعًا، وهوَ مُتوَلِّي أُمورِنا، لنا أعمالُنا التي نُحاسَبُ عَليها، ونُثابُ أو نُعاقَبُ عَليها، ولكمْ أعمالُكمُ التي اكتَسَبتُموها ولا يَتعَدَّى ضَرَرُها إلينَا، لا مُحاجَجةَ ولا مُناظرةَ بينَنا وبينَكم، فقدْ ظهرَ الحقّ، وتبيَّنَ سبَبُ المُخالَفَة، وهوَ المُكابَرَةُ والعِنادُ مِنْ قِبَلِكم.
وكانَ هذا بمكَّة، قَبلَ نُزولِ آيَةِ القِتال، فهيَ مَنسوخَة. وقالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرين: مَعناها أنَّ الكَلامَ بعدَ ظُهورِ الحُجَجِ والبَراهينِ قدْ سقَطَ بينَنا، فلمْ يَبقَ إلاّ السِّيف. فعلَى هذا تَكونُ مُحكَمَة.
اللهُ تعالَى يَجمَعُ بينَنا يَومَ القِيامَة، وإليهِ مَرجِعُنا يَومَ الحِساب، فيَفصِلُ بينَنا، ويُجازي كُلاًّ بما يَستَحِقّ.