ما كانَ اللهُ لِيَدعَ المؤمِنينَ هكذا بدونِ تَمحيصٍ وابتِلاءٍ وقدِ التبسَ بهمُ المنافِقون، فكانَ لا بدَّ منَ المِحنةِ حتَّى يَظهرَ الوليُّ منَ العَدوّ، ويَبِيْنَ المؤمِنُ الصَّابرُ منَ المنافقِ الفاجِر، وذلك يَومَ أُحُد، وكانَ كذلك، حيثُ تَبيَّنَ المخلِصونَ المجاهِدونَ الذينَ ثَبتُوا معَ رسولِ الله، وظَهرتْ مخالفةُ المنافِقينَ وخيانتُهمْ للهِ ورسولِه.
وأنتمْ لا اطِّلاعَ لكمْ على الغَيب، ولا ما تَكُنُّهُ قُلوبُ المنافِقينَ منْ كفرٍ ونِفاق، ولولا هذهِ الأسبابُ التي أجرَاها اللهُ لكم، لَما عرفتُمْ خبرَهمْ وشِدَّةَ عَداوتِهمْ لكم. ويَختارُ اللهُ مِنْ رُسُلهِ منْ يَشاء، كمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ليَتبيَّنَ مَنْ يَتَّبعُهُ ومَنْ لا يَتَّبعُه، ومَنْ يُعاديهِ مِنْ غيرِه، فيَتميَّزُ الخَبيثُ مِنَ الطيِّب، ويُخبرُهُ اللهُ بما صَدرَ عنِ المنافِقينَ مِنْ أقوالٍ وأفعَال، فيَفضَحُهم، ويخلِّصُكمْ مِنْ شرِّهمْ وإيذائهم.
فأطِيعوا اللهَ واتَّبِعوا ما يأمرُكمْ بهِ رسولُهُ ممّا شَرعَ لكم، وإنْ تُؤمنوا باللهِ حقَّ الإيمان، وتَتَّقوهُ بمراعاةِ حُقوقِه، فلكمْ ثوابٌ عَظيمٌ لا تَعرِفونَ قَدْرَه.