يأمرُكمُ اللهُ بالعَدلِ في أولادِكمْ عندَ تَقسيمِ الميرَاث، فللرَّجلِ ضِعْفُ ما هوَ للأنثَى، بحَسَبِ ما يأتي، فلا تُحرَمُ نصيبَها كما كانَ يُفْعَلُ بها في الجاهليَّة. أمّا الضِّعْفُ للرجُلِ فلأنَّهُ هوَ المسؤولُ عنِ النفقةِ لا المرأة، وهوَ الذي يَعمَلُ ويَتَكسَّبُ ويُتاجِرُ ويَتحَمَّلُ المَشقَّةَ لأجلِ ذلك، وليسَ مَطلوبٌ ذلكَ مَنَ المرأة، بلْ هيَ مَصُونةٌ مأمورٌ أنْ يُنفَقَ عليها، سواءٌ كانتْ عندَ أهلِها أو عندَ زوجِها، أو أنَّها تُنفِقُ على نفسِها وحدَها.
فإذا ماتَ الأبُ ولا وارِثَ لهُ سِوَى ذُرِّيتهِ منَ الذكورِ والإناث، اقتَسموا تَرِكتَهُ كلَّها، للذُّكورِ منهمْ ضِعْفُ ما للإناث.
فإذا لم يَكنْ عندَهُ ذُكور، لكنْ لهُ ابنتانِ فأكثر، فلهُنَّ ثلثا التَّرِكة.
وإذا كانتْ لهُ ابنةٌ واحدةٌ فلها نِصْفُ الترِكة.
ثمَّ يوزَّعُ باقي الميراثِ على أقربِ عاصِبٍ للميِّت:
فيكونُ لأبوَيه: لكلِّ واحدٍ منهما السُّدُسُ منَ الميراث، إذا كانَ لهُ ولد: ابنٌ أو بنت.
فإذا لم يكنْ لهُ ولدٌ ووَرِثَهُ أبواهُ فقَط، فلأمِّهِ الثُّلُث، وسائرهُ لأبيه.
فإذا لم يَكنْ لهُ ولد، وكانَ لهُ إخوة، ومعهمُ الأبُ والأمّ، فلها معهمُ السُّدُس، وسائرُهُ للأب.
وهذا كلُّهُ بعدَ أنْ يُعطَى منَ التَّرِكةِ الدَّينُ الذي على الميِّت، وكذلكَ فَرْزُ الوصيَّةِ منها، إذا كانَ أوصَى منها.
وفي المسائلِ السابقةِ تفاصيلُ فَرعيَّةٌ تُنْظَرُ في كتبِ الفَرائض.
وقدْ ساوَينا بينَ الكلِّ في أصلِ المِيراث، ولا تَدرُونَ المتوقَّعَ في الخَيرِ والنَّفعِ الدنيويِّ والأخرَويِّ لكمْ منْ أيٍّ يَكون، في الآباءِ أو في الأبناء، فلهذا فرَضنا لهذا ولذاك، وساوَينا بينَ القِسمَينِ في أصلِ الميراث.
وهذا التفصيلُ في تقسيمِ الميراثِ فَرْضٌ منَ اللهِ عليكم، وبهِ قضَى، وهوَ عليمٌ حَكيمٌ، يُعطِي كلاًّ ما يَستَحِقُّ بحَسَبه، وليسَ للبشَرِ أنْ يُشَرِّعوا لأنفسِهم، وأنْ يُحَكِّموا هواهُمْ في ذلك، فاللهُ هوَ الذي أعطَى الأرزاقَ والأموَال، وهوَ الذي يَفرِضُ ويَقْسِم، وهوَ أعلمُ بمصلحتِهمْ منهمْ بها.