وما أعادَهُ اللهُ على رسُولِهِ مِنْ جَميعِ البُلدانِ التي تُفتَحُ هكذا، مِنْ دونِ قِتالٍ يُذكَر، فحُكمُهُ حُكمُ أموَالِ بَني النَّضير: يُقسَّمُ خَمسةَ أخمَاس: خُمُسٌ للهِ ورسُولِه، فيَصرِفُهُ كما يَشاءُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام، وخُمُسٌ لذوي قَرابَتِهِ صلى الله عليه وسلم، والمُراد: بَنو هاشمٍ وبَنو عبدِالمُطَّلِب، وخُمُسٌ لليَتامَى الذينَ فَقَدوا آباءَهمْ وهمْ مازالُوا صِغارًا، وخُمُسٌ للمسَاكينِ والمُحتاجين، وخُمُسٌ لابنِ السَّبيلِ المُنقَطِعِ في سفَرِهِ مِنَ المسلِمين، حتَّى لا يَكونَ الفَيءُ مُتَداوَلاً بينَ الأغنياءِ منكمْ خاصَّةً (حيثُ كانَ الرُّؤساءُ والأغنياءُ يَحوزونَ الغَنيمةَ دونَ غَيرِهم)، فيَستأثِرونَ بهِ ولا يَصرِفونَهُ إلى الفُقَراء.
وما أمرَكمُ الرسُولُ بهِ فافعَلوه، وما نَهاكمْ عنهُ فاجتَنِبوه، واخشَوا اللهَ وابتَعِدوا مِنْ مُخالفَتِه، واللهُ شَديدُ العِقابِ لمَنْ عَصاهُ وخالفَ أمرَه.
قالَ ابنُ الجوزيِّ في "النَّواسخ": اختلفَ العُلماءُ فيما يُصنَعُ بسَهمِ الرسُولِ صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاتِه، فقالَ قَوم: هوَ للخَليفَةِ بعدَه، وقالَ قَوم: يُصرَفُ في المصَالح، فعلَى هذا تَكونُ هذهِ الآيَةُ مُبيِّنةً لحُكمِ الفَيء، والتي في الأنفالِ مُبيِّنةً لحُكمِ الغَنيمة، فلا يَتوجَّهُ النَّسخ.
ويُراجَعُ تَفسيرُ الآيةِ (41) مِنْ سُورةِ الأنفالِ لمَعرِفةِ الفَرقِ بينَ الفَيءِ والغَنيمة، وتَقسيمِهما.