يا أهلَ الكتاب، آمِنوا بالذي أنزلناهُ على رسولِنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وهوَ القُرآن، فيهِ تَصديقٌ للأخبارِ التي في التَّوراةِ منَ البِشارات، ومنها البِشارةُ بنَبوَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، باسمهِ وبصفاتهِ ومكانهِ ووقتِ خُروجه، قبلَ أنْ نَمْحُوَ آثارَ وجوهٍ فنَرُدَّها إلى ناحيةِ القَفا، فتكونَ مَطمُوسةً على هيئةِ أدبارِها، تَشويهاً في الخِلْقةِ وفَضيحةً؛ عُقوبةً لهم على تَحريفِهمُ الكتابَ وعَدمِ تَصدِيقِهمْ بما أُمِروا بالإيمانِ به، أو نَطرُدَهمْ مِنْ رحمتِنا وهُدانا، كما لَعنّا أصحابَ السَّبت، الذينَ اعتَدوا في سَبتِهمْ بالحيلةِ في الاصطِيادِ، فلعنَهمُ اللهُ بمَسخِهم، فكِلا الصنفَينِ منَ اليهودِ مُشتَرِكانِ في اللَّعن، معَ اختلافِ شكلِ العُقوبة.
وقدْ تَحقَّقَ النوعُ الثاني منَ الوعيدِ الربّاني لهم، وهوَ اللَّعنُ بدلَ الطَّمْس، فهمْ مَلعُونونَ بكلِّ لسانٍ وفي كلِّ زَمان.
وإذا أمرَ اللهُ بأمرٍ فلا بدَّ مِنْ وقوعِه، لا يَستَطيعُ أحدٌ أنْ يَمنعَه.