وإذا شَعَرتِ المرأةُ باستِعلاءِ زوجِها عليها لسَببٍ منَ الأسباب، أو رأتْ نُفوراً منهُ وانصِرافاً بوجههِ عنها، أو تَجافياً عنها قياساً عمّا كانَ عليهِ مِنْ قبل، مِنْ تَقليلِ نَفقةٍ أو عَدَمِ مُؤانسةٍ ومُحادثة... فلا حرجَ عليهما أنْ يَتصالحا فيما بَينهما، كأن تُسقِطَ مِنْ حِقِّها أو بعضَه، مِنْ نَفقةٍ أو كُسوةٍ أو مَبِيت، أو تَهَبَهُ مالاً، أو تُهدِيَهِ ما يُناسبهُ ويُحِبُّه، مِنْ هذا القَبيلِ ومِنْ غيرِه، ممّا يَجلُبُ لهما المحبَّةَ ويُعِيدُ إليهما المعاشَرةَ الطيِّبة، والصلحُ في هذا خيرٌ منَ الفُرقةِ وسُوءِ العِشرةِ والخُصُومة.
وقدْ جُعِلَتْ نفوسُ البشرِ مَطبوعةً على البُخلِ معَ الحِرص، فلا تَكادُ المرأةُ تَسمحُ بحقوقِها للرَّجُل، ولا الرَّجُلُ يَكادُ أنْ يَتنازلَ لها عنْ حُقوقِه، وهذا يَستَدعي الشِّقاقَ والطَّلاق. فإذا شَحَّ الرَّجُلُ بحقوقهِ استَمالتْهُ المرأة، وإذا شَحَّتْ هي استَمالَها هو، حتَّى يَجدا مَكاناً للصُّلحِ والاتِّفاقِ والمعاشرةِ الطيِّبة.
وإنْ تُحسِنوا في العِشرةِ وتَبتعِدوا عن النُّشوزِ والإعراض، وتَصبِروا على مُراعاةِ الحقوقِ الزوجيَّةِ دونَ اللُّجوءِ إلى قَطعِ حُقوق، فإنَّهُ منَ الإحسانِ والتقوَى الذي يَعلمُ اللهُ بهِ وبمقاصدِكمْ فيه، فيُجازيكمْ بهِ ويُثيبُكمْ عليهِ خَيراً.