قُلْ للمُشرِكينَ الذينَ حرَّموا أشياءَ مِنْ عندِهمْ ونَسبُوهُ إلى اللهِ افتراءً عليه: لا أجِدُ فيما أوحَى اللهُ إليَّ ممّا حرَّمَهُ على آكلٍ يأكلُه، إلاّ إذا كانَ مَيتةً - وتفصيلُها في الآيةِ الثالثةِ منْ سُورةِ المائدة - أو دَماً مُهْرَاقاً، أي مَصبوباً سَائلاً، فيُعفَى عمّا اختلطَ بعَظمٍ ولَحم، أو لحمَ خِنزير، فإنَّهُ قَذِرٌ خَبيث، أو ما ذُبِحَ خُروجاً عنِ الطاعةِ، بأنْ ذُبِحَ على اسمِ الأصنام. فمنْ دَعَتْهُ الضَّرورةُ إلى تناولِ شَيءٍ منْ تلكَ المحظورات، غيرَ مُعْتَدٍ في ذلك، بأنْ لا يأخذَهُ منْ مُضْطرٍّ آخرَ مثلِه، ولا مُتَجاوِزٍ قَدْرَ الضرورةِ، بأنْ لا يأكلَ زيادةً على حاجتهِ إليها، فإنَّ اللهَ يَغفِرُ لهُ ما أكل، ويرحمُه.
ويُلحَقُ بما حُرِّمَ ما ذُكِرَ في السنَّة: الحُمُرُ الأهليَّة، وكلُّ ذي نابٍ منَ السِّباع، ومِخلَبٍ منَ الطَّير، فهوَ تَخصيصُ عامّ، أو ابتِداءُ حُكم.
قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: فعلَى هذا يَكونُ ما وردَ من التَّحريماتِ بعدَ هذا في سورةِ المائدةِ وفي الأحاديثِ الواردة: رافعًا لمَفهومِ هذه الآية. ومنَ النَّاسِ منْ يُسَمِّي ذلكَ نَسخًا، والأكثرونَ منَ المتأخِّرينَ لا يُسمُّونَهُ نَسخًا؛ لأنَّهُ من بابِ رَفعِ مُباحِ الأصل.