أفمَنْ كانَ على دَليلٍ وبُرهانٍ واضِحٍ - والمقصودُ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم - وبيِّنةٍ عَظيمةِ الشأنِ مِنْ قِبَلِ ربِّه - وهيَ القُرآنُ - ويَتْبَعُهُ مَنْ يَشهَدُ لهُ بصِدقِهِ - وهوَ جِبريل، أو الشواهِدُ والمعجِزات - وقبلَ ذلكَ ما وردَ مِنْ خبَرِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ ووَصفِهِ والتبشيرِ بهِ في التَّوراة، التي كانتْ نِظامًا وقُدوةً للنَّاس، وهِدايةً ورَحمةً منَ اللهِ لمَنِ اتَّبعَها، وهيَ مُصَدِّقَةٌ للقُرآن، شاهِدةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنَّ أولئكَ الذينَ يؤمِنونَ بكلِّ ما فيها، يؤمِنونَ أيضًا بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، لأنَّهُ يَلزَمُ هذا مِنْ ذاك، أفمَنْ كانَ على بيِّنةٍ مثلَ هذا النبيّ، كمَنْ هوَ في الضَّلالةِ والجَهالةِ منَ الكفّارِ والمشرِكين؟!
ومَنْ يَكفُرْ بالرَّسولِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم منَ الكافرِينَ وأهلِ المِلَلِ كُلِّها، فإنَّهُ لا مكانَ لهمْ في الآخِرَةِ إلاّ النار، فلا تَكنْ في شَكٍّ مِنْ أمرِ القُرآنِ - وهوَ تَعريضٌ بمَنْ شَكَّ فيه - فإنَّهُ الحقُّ مِنْ ربِّكَ، الذي لا حَقَّ بَعدَه، ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يؤمِنونَ بذلك، جَهلاً وحُمْقًا منهم، أو عِنادًا واستِكبارًا، بعدَ أنْ عَرَفوا أنَّهُ الحَقّ.